اسم الکتاب : المجالس السنيّة في مناقب ومناصب العترة النبويّة المؤلف : الأمين، السيد محسن الجزء : 1 صفحة : 293
المجلس السّابع والثّلاثون
بعد المئة
في شرح رسالة ابن زيدون وغيرها ، قال :
حُكي عن علي بن أبي طالب (ع) أنّه قال يوماً : «سُبحان الله! ما أزهد كثيراً من
النّاس في خير! عجباً لرجل يجيئه أخوه المُسلم في حاجة فلا يرى نفسه للخير أهلاً ،
فلو كان لا يرجو ثواباً ولا يخلف عقاباً لكان ينبغي له أنْ يُسارع إلى مكارم
الأخلاق ، فإنّها تدّل على سبيل النّجاح!». فقام إليه رجل ، وقال : يا أمير
المؤمنين ، أسمعته من النّبي (ص)؟ قال : «نعم ، لمّا اُتي بسبايا طيء ، وقفت جارية
عيطاء لعساء فلمّا تكلمت ، أنسيت جمالها بفصاحتها ، قالت : يا محمّد ، إنْ رأيت
أنْ تخلّي عنّي ولا تشمت بي أحياء العرب ؛ فإنّني ابنة سيّد قومي ، وإنّ أبي كان
يفكّ العاني ، ويُشبع الجائع ويكسو العاري ، ويحفظ الجار ويحمي الذّمار ، ويُفرّج
عن المكروب ، ويُطعم الطّعام ويُفشي السّلام ، ويعين على نوائب الدّهر ، ولم يرد
طالب حاجة قط. أنا ابنة حاتم الطّائي. وكان اسمها سفانة. فقال النّبي (ص) : «يا
جارية ، هذه صفة المؤمن حقّاً ، ولو كان أبوك مسلماً لترحّمنا عليه. خلّوا عنها
فإنّ أباها كان يحبّ مكارم الأخلاق». وقال فيها : «ارحموا عزيزاً ذلّ ، وغنياً
افتقر ، وعالماً ضاع بين جُهّال». فأطلقها ومَنّ عليها بقومها. فاستأذنته في
الدّعاء له ، فأذن لها ، وقال لأصحابه : «اسمعوا وعوا». فقالت : أصاب الله ببرك
مواقعه ولا جعل لك إلى لئيم حاجة ، ولا سلب نعمة عن كريم قوم إلاّ وجعلك سبباً في
ردّها عليه. فلمّا أطلقها أتت أخاها عديّاً بدومة الجندل ، فقالت : يا أخي ، ائت
هذا الرّجل قبل أنْ تعلقك حبائله ، فإنّي قد رأيت هدياً ورأياً وسيغلب أهل الغلبة.
رأيت خصالاً تعجبني ؛ رأيته يحب الفقير ويفكّ الأسير ويرحم الصّغير ويعرف قدر
الكبير ، وما رأيت أجود ولا أكرم منه ، وإنّي أرى أنْ تلحق به ؛ فإنْ يكُ نبيّاً
فللسابق فضله ، وإنْ يكُ مَلكاً فلنْ تزال في عزّ اليمن. فقدم عدي إلى النّبي (ص)
فأسلم ، وأسلمت اُخته سفانة». لا عجب إذا صدر مثل هذا ممّن بُعث ليتمم مكارم
الأخلاق ، وقد قال الله تعالى في حقّه : (وَإِنّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيم)
اسم الکتاب : المجالس السنيّة في مناقب ومناصب العترة النبويّة المؤلف : الأمين، السيد محسن الجزء : 1 صفحة : 293