اسم الکتاب : المجالس السنيّة في مناقب ومناصب العترة النبويّة المؤلف : الأمين، السيد محسن الجزء : 1 صفحة : 284
المجلس الثّالث والثّلاثون
بعد المئة
ذكر المفيد عليه الرّحمة في إرشاده ، من
جملة غزوات أمير المؤمنين علي (ع) غزاة ذات السّلاسل. قال : وإنّما سُمّيت بذلك ؛
لأنّه اُتي بالأسرى مُكتّفين بالحبال كأنّهم في السّلاسل ، وكان السّبب في هذه
الغزاة : إنّ إعرابياً أتى إلى النّبي (ص) ، فقال : يا رسول الله ، إنّ جماعة من
العرب اجتمعوا بوادي الرّمل على أنْ يبيّتوك في المدينة. فأمر بالصّلاة جماعة
فاجتمعوا وعرّفهم ذلك ، وقال : «مَن لهم؟». فابتدرت جماعة من أهل الصّفة [١] وغيرهم ، وعدّتهم ثمانون رجلاً ،
وقالوا : نحن ، فولِّ علينا مَن شئت. فاستدعى رجلاً من المهاجرين ، وقال له : «امضِ».
فمضى فاتبعهم القوم فهزموهم وقتلوا جماعة كثيرة من المسلمين ، وانهزم ذلك الرّجل
وجاء إلى رسول الله (ص) ، فبعث آخر من المُهاجرين فهزموه ، فساء ذلك النّبي (ص) ،
فقال عمرو بن العاص : ابعثني يا رسول الله ، فإنّ الحرب خدعة ولعلّي أخدعهم.
فانفذه مع جماعة ، فلمّا صاروا إلى الوادي ، خرجوا إليه فهزموه وقتلوا من أصحابه
جماعة. ثُمّ دعا أميرَ المؤمنين (ع) وبعثه ، وقال : «أرسلته كرّاراً غير فرّار».
ودعا له وخرج معه مشيّعاً إلى مسجد الأحزاب ، وعلي (ع) على فرس أشقر عليه بُردان
يمانيان وفي يده قناة خطيّة ، فانفذ معه جماعة منهم المرسلان أولاً وعمرو بن العاص
، فسار بهم نحو العراق متنكّباً للطريق حتّى ظنّوا أنّه يُريد غير ذلك الوجه ،
ثُمّ أخذ بهم على طريق غامضة واستقبل الوادي من فمه ، وكان يسير الليل ويكمن
النّهار ، فلمّا قرب من الوادي ، أمر أصحابه أنْ يخفوا أصواتهم ، وأوقفهم في مكان
وتقدّم أمامهم ناحية ، فلمّا رأى عمرو بن العاص فعله ، لم يشكّ في كون الفتح له ،
فقال للمرسل أولاً : إنّ هذه أرض ذات سباع ، كثيرة الحجارة ، وهي أشدّ علينا من
بني سليم ، والمصلحة أنْ
[١] الصّفة : سقيفة
في مسجد النّبي (ص) كانت مسكن الغُرباء والفُقراء. وأهل الصّفة من المُهاجرين لم
يكن لهم منازل ولا أموال فكانوا يسكنونها.
اسم الکتاب : المجالس السنيّة في مناقب ومناصب العترة النبويّة المؤلف : الأمين، السيد محسن الجزء : 1 صفحة : 284