اسم الکتاب : المجالس السنيّة في مناقب ومناصب العترة النبويّة المؤلف : الأمين، السيد محسن الجزء : 1 صفحة : 269
المجلس السّابع والعشرون بعد
المئة
كان السّبب في غزاة تبوك ـ وهي آخر
غزواته ـ أنّ النّبي بلغه أنّ هرقل ملك الرّوم ومَن معه من نصارى العرب قد عزموا
على قصده ، فتجهّز للقائهم ، وكان النّاس في عسرة فسمّي ذلك الجيش جيش العسرة.
فأمر رسول الله أهل الغنى أنْ يعينوا الفقراء ، وكان المسلمون خمسة وعشرين ألفاً
عدا العبيد والأتباع ، وكان إذا أراد الغزو لا يخبر أحداً إلاّ في هذه الغزاة ،
فاخبرهم لبُعد المسافة ليستعدّوا ، ولم يقع في هذه الغزاة قتال وإنّما أرسل بعض
السّرايا ، فحصلت منواشات يسيرة ، وصالح كثير منهم على الجزية ورجع. ولمّا خرج
رسول الله إلى غزاة تبوك خلّف عليّاً (ع) على المدينة ؛ لأنّه خاف عليها من
المنافقين لبُعد المسافة ؛ ولأنّ الله تعالى أخبره أنّه لا يكون قتال. فقال
المنافقون : إنّما خلّفه استثقالاً له. فلمّا بلغ ذلك أمير المؤمنين (ع) ، أخذ
سلاحه ولحق بالنّبي فاخبره بقول المنافقين ، فقال : «كذبوا ، إنّما خلّفتك لما
ورائي فارجع فاخلفني في أهلي وأهلك ، فإنّ المدينة لا تصلح إلاّ بي أو بك ، فانت
خليفتي في أهل بيتي ودار هجرتي ؛ أما ترضى أنْ تكون منّي بمنزلة هارون من موسى
إلاّ أنّه لا نبي بعدي؟». فرجع. وتخلّف عنه في هذه الغزاة كثير من المنافقين
وجماعة من المؤمنين ، منهم كعب بن مالك ومرارة بن الرّبيع وهلال بن اُميّة ، من
غير شكّ ولا نفاق ، كانوا يقولون نخرج غداً أو بعد غد حتّى رجع رسول الله فنهى عن
كلامهم ، فلم يكلّمهم أحد حتّى نساؤهم فكانت تاتيهم بالطّعام ولا تكلّمهم. فخرجوا
إلى جبل بالمدينة ثُمّ قالوا : إنّ النبي نهى عن كلامنا فلماذا يكلّم بعضنا بعضاً؟
فتفرّقوا وحلفوا أنْ لا يكلم أحد صاحبه حتّى يموتوا أو يتوب الله عليهم. فبقوا على
ذلك خمسين ليلة ، وفيهم أنزل الله تعالى : (وَعَلَى الثَّلاَثَةِ
الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمْ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ) الى قوله ثم تاب عليهم وكان ممّن تخلّف
عن النّبي (ص) أبو خيثمة ومراده أنْ يلحق به ، وكانت له
اسم الکتاب : المجالس السنيّة في مناقب ومناصب العترة النبويّة المؤلف : الأمين، السيد محسن الجزء : 1 صفحة : 269