اسم الکتاب : المجالس السنيّة في مناقب ومناصب العترة النبويّة المؤلف : الأمين، السيد محسن الجزء : 1 صفحة : 259
المجلس الثّالث والعشرون بعد
المئة
كان رسول الله أرسل رسولاً إلى ملك بصرى
من بلاد الشّام ، فلمّا نزل مؤتة من أرض البلقاء ، قتله شرحبيل بن عمرو الغسّاني ،
ولم يقتل لرسول الله رسول غيره. فلمّا بلغه ذلك ، عظم عليه وأرسل جيشاً إلى مؤتة ،
وكانوا ثلاثة آلاف ، وأمر عليهم جعفر بن أبي طالب ، فإنْ قُتل فزيد بن حارثة ،
فإنْ قُتل فعبد الله بن رواحة. وقيل : بل أمر عليهم أولاً زيد بن حارثة. فساروا
حتّى نزلوا معان ، فبلغهم أنّ هرقل ملك الرّوم سار إليهم في مئة ألف من الرّوم
والعرب. وقيل : في مئة ألف من الرّوم ومثلها من العرب. فقالوا : نكتب إلى رسول
الله ؛ فإمّا أنْ يردّنا أو يزيدنا. فشجّعهم أميرهم ، وقال : ما نقاتل النّاس بعدد
ولا قوّة ، ما نقاتلهم إلاّ بهذا الدّين الذي أكرمنا الله به ، وما هي إلاّ إحدى
الحسنيين ؛ إمّا النّصر أو الشّهادة. فساروا والتقوا بجموع الرّوم والعرب بقرية من
البلقاء تُسمّى مشارف ، وانحاز المسلمون إلى قرية تُسمّى مؤتة ، فاقتتلوا قتالاً
شديداً ، فأخذ الرّاية جعفر بن أبي طالب فقاتل ، وهو يقول :
يا حبذا الجنّةُ واقترابُها
طيبةٌ وباردٌ شرابُها
طيبةٌ وباردٌ شرابُها
كافرةٌ بعيدة أنسابُها
عليَّ إذ لاقيتُها
ضرابُها
فلمّا أشتدّ القتال ، نزل عن فرس له
شقراء فعقرها ـ وكان أول من عقر فرسه في الإسلام ـ ثُمّ قاتل حتّى قُتل ، فوجدوا
به بضعاً وثمانين ما بين رمية وضربة وطعنة ، وهي جراحات كثيرة تدلّ على شجاعة
عظيمة وثبات شديد ، ولكنّها لا تبلغ جراحات ابن أخيه الحسين (ع) يوم كربلاء ، فقد
وجُد في قميصه مئة وبضع عشرة ما بين رمية وطعنة وضربة. وقيل : وجد في ثيابه مئة
وعشرون رمية بسهم ، وفي جسده
اسم الکتاب : المجالس السنيّة في مناقب ومناصب العترة النبويّة المؤلف : الأمين، السيد محسن الجزء : 1 صفحة : 259