اسم الکتاب : المجالس السنيّة في مناقب ومناصب العترة النبويّة المؤلف : الأمين، السيد محسن الجزء : 1 صفحة : 250
المجلس التّاسع عشر بعد
المئة
لمّا كانت وقعة الخندق ـ وتُسمّى وقعة
الأحزاب ؛ لتحزّب القبائل فيها على حرب رسول الله ـ أقبلت قُريش وقائدها أبو سفيان
، وأقبلت كنانة وأهل تهامة وغطفان ومن تبعها من أهل نجد ، واتفق المشركون مع
اليهود وجاؤوا ، كما قال تعالى : (إِذْ جَآءُوكُمْ مِنْ
فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ
الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنّونَ بِاللّهِ الظّنُونَا * هُنَالِكَ ابْتُلِيَ
الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيداً * وَإِذْ يَقُولُ
الْمُنَافِقُونَ وَالّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مّرَضٌ مّا وَعَدَنَا اللّهُ وَرَسُولُهُ
الاّ غُرُوراً)
إلى قوله : وَكَفَى اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللّهُ قَوِيّاً
عَزِيزاً فتوجّه اللوم والتّقريع والعتاب إلى النّاس ولم ينجُ منه إلاّ علي بن أبي
طالب (ع) ، فأشار سلمان الفارسي بحفر خندق حول المدينة فحُفر ، وعمل فيه رسول الله
بيده فكان يحفر وعلي ينقل التّراب ، وفرغ رسول الله من حفر الخندق قبل مجيء قريش
بثلاثة أيام ، وأقبلت الأحزاب وكانوا عشرة آلاف ، فهال المسلمين أمرهم ، ونزلوا
بجانب الخندق ، وكان المسلمون ثلاثة آلاف. قال الواقدي وغيره : وخرج عمرو بن عبد
ود ومعه جماعة ، شاهراً نفسه معلماً مدلاً بشجاعته وبأسه ، وقد كان شهد وقعة بدر
وجرح ونجا هارباً على قدميه ، فلمّا رأوا الخندق ، قالوا : إنّ هذه مكيدة ما كانت
العرب تكيدها ، ونظنّها من الفارسي الذي معه ، يعنون سلمان. ثُمّ أتوا إلى مكان
ضيّق من الخندق فضربوا خيلهم واقتحموه ، ورسول الله جالس وأصحابه قيام على رأسه ،
فتقدم عمرو ودعا إلى البراز ، فقال رسول الله : «مَن لعمرو وأضمن له على الله
الجنّة؟». فقام علي (ع) فقال : «أنا له يا رسول الله». قال : «اجلس». حتّى قالها
ثلاث ، وفي كُلّ مرّة يقوم علي (ع) والقوم ناكسوا رؤوسهم كأنّ على رؤوسهم الطّير ،
فقال عمرو : أيّها النّاس ، إنّكم تزعمون أنّ قتلاكم في الجنّة وقتلانا في النّار
، أفما يحب أحدكم أنْ يقدم على الجنّة أو يقدم عدواً له إلى النّار؟ فلم يقم إليه
أحد إلاّ علي (ع) ، فقال له النّبي : «يا علي ، هذا عمرو بن
اسم الکتاب : المجالس السنيّة في مناقب ومناصب العترة النبويّة المؤلف : الأمين، السيد محسن الجزء : 1 صفحة : 250