اسم الکتاب : المجالس السنيّة في مناقب ومناصب العترة النبويّة المؤلف : الأمين، السيد محسن الجزء : 1 صفحة : 184
المجلس الحادي والتسعون
قال الصادق (ع) : «البكّاؤون خمسة : آدم
، ويعقوب ، ويوسف ، وفاطمة بنت محمّد وعلي بن الحسين (ع) ؛ فأمّا آدم (ع) فبكى على
الجنّة ؛ أمّا يعقوب فبكى على يوسف (ع) حتّى ذهب بصره ، وحتّى قيل له : تَاللَّهِ
تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنْ
الْهَالِكِينَ ؛ وأمّا يوسف فبكى على يعقوب (ع) حتّى تأذّى به أهل السّجن فقالوا :
إمّا أنْ تبكي بالنّهار وتسكت بالليل ، وإمّا أنْ تبكي بالليل وتسكت بالنّهار ،
فصالحهم على واحد منهما ؛ وأمّا فاطمة بنت محمّد (ص) فبكت على رسول الله (ص) حتّى
تأذّى بها أهل المدينة ، وقالوا لها : قد آذيتنا بكثرة بكائك ، فكانت تخرج إلى
مقابر الشهداء فتبكي حتّى تقضي حاجتها ثمّ تنصرف ؛ وأمّا علي بن الحسين (ع) فبكى
على أبيه الحسين أربعين سنة ، وما وُضع بين يدَيه طعام إلاّ بكى حتّى قال له مولىً
له : جُعلت فداك يابن رسول الله إنّي أخاف عليك أنْ تكون من الهالكين. قال : إنّما
أشكو بثّي وحُزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون ، إنّي لم أذكر مصرع بني
فاطمة إلاّ خنقتني العبرة».
وعن الصادق (ع) أنّه بكى على أبيه
الحسين (ع) أربعين سنة صائماً نهاره قائماً ليله ، فإذا حضره الإفطار جاء غلامه
بطعامه وشرابه فيضعه بين يدَيه ، فيقول : «قُتل ابن رسول الله جائعاً ، قُتل ابن
رسول الله عطشان». فلا يزال يكرّر ذلك ويبكي حتّى يبل طعامه من دموعه ثمّ يمزج
شرابه بدموعه ، فلم يزل كذلك حتّى لحق بالله عزّ وجل.
وفي رواية : أنّه كان إذا حضر الطعام
لإفطاره ، ذكر قتلاه وقال : «وآ كربلاء!» يُكرّر ذلك ويقول : «قُتل ابن رسول الله
جائعاً ، قُتل ابن رسول الله عطشان» حتّى يبل بالدموع ثيابه. وحدّث مولى له : أنّه
برز يوماً إلى الصحراء ، قال : فتبعته فوجدته قد سجد على حجارة خشنة ، فوقفت وأنا
أسمع شهيقه وبكاءه ، وأحصيت عليه ألف مرّة وهو يقول : «لا
اسم الکتاب : المجالس السنيّة في مناقب ومناصب العترة النبويّة المؤلف : الأمين، السيد محسن الجزء : 1 صفحة : 184