اسم الکتاب : المجالس السنيّة في مناقب ومناصب العترة النبويّة المؤلف : الأمين، السيد محسن الجزء : 1 صفحة : 129
المجلس الستّون
لمّا كان يوم عاشوراء ، ولمْ يبقَ مع
الحسين (ع) سوى أهل بيته ، خرج القاسم بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهمالسلام ، وهو غلام لم يبلغ
الحُلم ، فلمّا نظر الحسين (ع) إليه قد برز ، اعتنقه وجعلا يبكيان ، ثمّ استأذن
عمّه في المبارزة فأبى أنْ يأذن له ، فلمْ يزل الغلام يُقبّل يدَيه ورجليه حتّى
أذن له ، فخرج ودموعُه تسيل على خدّيه وهو يقول :
إنْ تنْكرُونيْ فأنَا إبنُ الحَسنْ
سبطِ النّبيِّ المُصطفَى والمُؤتمَنْ
هذا حُسينٌ كالأسيرِ المُرْتهنْ
بين اُناسٍ لا سُقوْا صَوبَ المُزنْ
فقاتل قتالاً شديداً. قال حميد بن مسلم
: خرج علينا غلام كأنّ وجهُه شقّة قمر ، وفي يده سيف وعليه قميص وإزار وفي رجليه
نعلان ، فمشى يضرب بسيفه ، فانقطع شِسْعُ إحدى نعليه ـ ولا أنسى أنّها كانت اليسرى
ـ فوقف ليشدّها ، فقال لي عمرو بن سعد بن نُفَيل الأزدي : والله ، لأشدّنّ عليه.
فقلتُ : سُبحان الله! وما تريد بذلك؟ والله ، لو ضربني ما بسطتُ إليه يدي ، يكفيك
هؤلاء الذين تراهم قد احتوشوه. فقال : والله ، لأشدّن عليه. فشدّ عليه فما ولّى
حتّى ضرب رأسه بالسيف ففلقه ، ووقع الغلام إلى الأرض لوجهه ونادى : يا عمّاه! فجلى
الحسين (ع) كما يجلي الصقر ، ثمّ شدّ شدّة ليث أغضب فضرب عمرو بن سعد بن نُفيل
بالسيف فاتّقاها بالسّاعد فقطعها من لدن المرفق ، فصاح صيحةً سمِعها أهل العسكر ،
ثمّ تنحّى عنه الحسين (ع). وحمل أهل الكوفة ليستنقذوه فوطئت الخيل عَمراً حتّى مات
، وانجلت الغبرة فإذا بالحسين (ع) قائم على رأس الغلام وهو يفحص برجليه ، والحسين (ع)
يقول : «بُعداً لقوم قتلوك ، ومَن خصمهم يوم القيامة فيك جدّك وأبوك». ثم قال (ع)
: «عزّ والله على عمّك أنْ تدعوه فلا يجيبك ، أو يجيبك فلا ينفعك ، صوتٌ والله
كثُر واتره وقلّ ناصره». ثمّ حمله ووضع صدره على صدره ، وكأنّي أنظر إلى رجلَي
الغلام يخطّان الأرض ، فجاء به حتّى ألقاه مع ابنه علي والقتلى من أهل بيته.
فسألتُ عنه ، فقيل لي
اسم الکتاب : المجالس السنيّة في مناقب ومناصب العترة النبويّة المؤلف : الأمين، السيد محسن الجزء : 1 صفحة : 129