مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ص فِي طَرِيقِهِ ثُمَّ دَبَّرُوا رَأْيَهُمْ عَلَى أَنْ يَقْتُلُوا رَسُولَ اللَّهِ ص عَلَى الْعَقَبَةِ وَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ وَرَاءِ حِيَاطَةِ رَسُولِ اللَّهِ وَ وَلِيُّ اللَّهِ لَا يَغْلِبُهُ الْكَافِرُونَ فَأَشَارَ بَعْضُ أَصْحَابِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ص بِأَنْ يُكَاتِبَ رَسُولَ اللَّهِ بِذَلِكَ وَ يَبْعَثَ رَسُولًا مُسْرِعاً فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ إِلَى مُحَمَّدٍ رَسُولِهِ أَسْرَعُ وَ كِتَابَهُ إِلَيْهِ أَسْبَقُ فَلَا يُهِمَّنَّكُمْ هَذَا إِلَيْهِ فَلَمَّا قَرُبَ رَسُولُ اللَّهِ ص مِنَ الْعَقَبَةِ الَّتِي بِإِزَائِهَا فَضَائِحُ الْمُنَافِقِينَ وَ الْكَافِرِينَ نَزَلَ دُونَ الْعَقَبَةِ ثُمَّ جَمَعَهُمْ فَقَالَ لَهُمْ هَذَا جَبْرَئِيلُ الرُّوحُ الْأَمِينُ يُخْبِرُنِي أَنَّ عَلِيّاً دُبِّرَ عَلَيْهِ كَذَا وَ كَذَا فَدَفَعَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَنْهُ مِنْ أَلْطَافِهِ وَ عَجَائِبِ مُعْجِزَاتِهِ بِكَذَا وَ كَذَا ثُمَّ إِنَّهُ صَلَّبَ الْأَرْضَ تَحْتَ حَافِرِ دَابَّتِهِ وَ أَرْجُلِ أَصْحَابِهِ ثُمَّ انْقَلَبَ عَلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ عَلِيٌّ وَ كَشَفَ عَنْهُ فَرُئِيَتِ الْحَفِيرَةُ ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ لَأَمَهَا كَمَا كَانَتْ لِكَرَامَتِهِ عَلَيْهِ وَ إِنَّهُ قِيلَ لَهُ كَاتِبْ بِهَذَا وَ أَرْسِلْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ص فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ أَسْرَعُ وَ كِتَابُهُ إِلَيْهِ أَسْبَقُ ثُمَّ لَمْ يُخْبِرْهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ص بِمَا قَالَ عَلِيٌّ ع عَلَى بَابِ الْمَدِينَةِ إِنَّ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ مُنَافِقِينَ سَيَكِيدُونَهُ وَ يَدْفَعُ اللَّهُ عَنْهُ فَلَمَّا سَمِعَ الْأَرْبَعَةُ وَ الْعِشْرُونَ أَصْحَابُ الْعَقَبَةِ مَا قَالَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص فِي أَمْرِ عَلِيٍّ ع قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ مَا أَمْهَرَ مُحَمَّداً بِالْمَخْرَقَةِ[1] وَ إِنَّ فَيْجاً[2] مُسْرِعاً أَتَاهُ أَوْ طَيْراً مِنَ الْمَدِينَةِ مِنْ بَعْضِ أَهْلِهِ وَقَعَ عَلَيْهِ أَنَّ عَلِيّاً قُتِلَ بِحِيلَةِ كَذَا وَ كَذَا وَ هُوَ الَّذِي وَاطَأْنَا عَلَيْهِ أَصْحَابَنَا فَهُوَ الْآنَ لَمَّا بَلَغَهُ كَتَمَ الْخَبَرَ وَ قَلَبَهُ إِلَى ضِدِّهِ يُرِيدُ أَنْ يُسْكِنَ مَنْ مَعَهُ لِئَلَّا يَمُدُّوا أَيْدِيَهُمْ عَلَيْهِ وَ هَيْهَاتَ وَ اللَّهِ مَا لَبَّثَ عَلِيّاً بِالْمَدِينَةِ إِلَّا حَيْنُهُ وَ لَا أَخْرَجَ مُحَمَّداً إِلَى هَاهُنَا إِلَّا حَيْنُهُ وَ قَدْ هَلَكَ عَلِيٌّ وَ هُوَ هَاهُنَا هَالِكٌ لَا مَحَالَةَ وَ لَكِنْ تَعَالَوْا حَتَّى نَذْهَبَ إِلَيْهِ وَ نُظْهِرَ لَهُ السُّرُورَ بِأَمْرِ عَلِيٍّ لِيَكُونَ أَسْكَنَ لِقَلْبِهِ إِلَيْنَا إِلَى أَنْ نُمْضِيَ فِيهِ تَدْبِيرَنَا فَحَضَرُوهُ وَ هَنَّئُوهُ عَلَى سَلَامَةِ عَلِيِّ مِنَ الْوَرْطَةِ الَّتِي رَامَهَا أَعْدَاؤُهُ ثُمَّ قَالُوا لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنَا عَنْ عَلِيٍّ ع أَ هُوَ أَفْضَلُ أَمْ مَلَائِكَةُ اللَّهِ الْمُقَرَّبُونَ؟
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص وَ هَلْ شُرِّفَتِ الْمَلَائِكَةُ إِلَّا بِحُبِّهَا لِمُحَمَّدٍ وَ عَلِيٍّ وَ قَبُولِهَا لِوَلَايَتِهِمَا وَ إِنَّهُ لَا أَحَدَ مِنْ مُحِبِّي عَلِيٍّ قَدْ نُظِّفَ قَلْبُهُ مِنْ قَذَرِ الْغِشِّ وَ الدَّغَلِ وَ نَجَاسَاتِ الذُّنُوبِ إِلَّا كَانَ أَطْهَرَ وَ أَفْضَلَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَ هَلْ أَمَرَ اللَّهُ الْمَلَائِكَةَ بِالسُّجُودِ لآِدَمَ إِلَّا لِمَا كَانُوا قَدْ وَضَعُوهُ فِي نُفُوسِهِمْ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ فِي الدُّنْيَا خَلْقٌ بَعْدَهُمْ إِذَا رُفِعُوا عَنْهَا إِلَّا وَ هُمْ يَعْنُونَ أَنْفُسَهُمْ أَفْضَلَ مِنْهُ فِي الدِّينِ فَضْلًا وَ أَعْلَمَ بِاللَّهِ وَ بِدِينِهِ عِلْماً فَأَرَادَ اللَّهُ أَنْ يُعَرِّفَهُمْ أَنَّهُمْ قَدْ أَخْطَئُوا فِي ظُنُونِهِمْ وَ اعْتِقَادَاتِهِمْ فَخَلَقَ آدَمَ وَ عَلَّمَهُ الْأَسْماءَ كُلَّها ثُمَ عَرَضَهَا عَلَيْهِمْ فَعَجَزُوا عَنْ مَعْرِفَتِهَا فَأَمَرَ آدَمَ ع أَنْ يُنَبِّئَهُمْ بِهَا وَ عَرَّفَهُمْ فَضْلَهُ فِي الْعِلْمِ عَلَيْهِمْ ثُمَّ أَخْرَجَ مِنْ صُلْبِ آدَمَ ذُرِّيَّتَهُ مِنْهُمُ الْأَنْبِيَاءُ وَ الرُّسُلُ وَ الْخِيَارُ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ أَفْضَلُهُمْ مُحَمَّدٌ ثُمَّ آلُ مُحَمَّدٍ وَ الْخِيَارُ الْفَاضِلُونَ مِنْهُمْ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ وَ خِيَارُ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ وَ عَرَفَ الْمَلَائِكَةُ بِذَلِكَ أَنَّهُمْ أَفْضَلُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِذَا احْتَمَلُوا مَا حُمِّلُوهُ مِنَ الْأَثْقَالِ وَ قَاسُوا مَا هُمْ فِيهِ بِعَرَضٍ يُعْرَضُ مِنْ أَعْوَانِ الشَّيَاطِينِ وَ مُجَاهَدَةِ النُّفُوسِ وَ احْتِمَالِ أَذَى ثِقْلِ الْعِيَالِ وَ الِاجْتِهَادِ فِي طَلَبِ الْحَلَالِ وَ مُعَانَاةِ مُخَاطَرَةِ الْخَوْفِ مِنَ الْأَعْدَاءِ مِنْ لُصُوصٍ مُخَوِّفِينَ وَ مِنْ سَلَاطِينٍ
[1] خرق الكذب: صنعه. و معنى هذه الجملة: ما أمهر محمّدا بصنع الكذب و وضعه.
[2] الفيج: السريع السير الذي يأتي بالأخبار.