ثُمَّ يَجْتَمِعُونَ فِي مَوْطِنٍ آخَرَ يَكُونُ فِيهِ مَقَامُ مُحَمَّدٍ ص وَ هُوَ الْمَقَامُ الْمَحْمُودُ- فَيُثْنِي عَلَى اللَّهِ بِمَا لَمْ يُثْنِ عَلَيْهِ أَحَدٌ قَبْلَهُ ثُمَّ يُثْنِي عَلَى الْمَلَائِكَةِ كُلِّهِمْ فَلَا يَبْقَى مَلَكٌ إِلَّا أَثْنَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ ثُمَّ يُثْنِي عَلَى الْأَنْبِيَاءِ بِمَا لَمْ يُثْنِ عَلَيْهِمْ أَحَدٌ قَبْلَهُ ثُمَّ يُثْنِي عَلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ وَ مُؤْمِنَةٍ يَبْدَأُ بِالصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَدَاءِ ثُمَّ الصَّالِحِينَ فَيَحْمَدُهُ أَهْلُ السَّمَاوَاتِ وَ أَهْلُ الْأَرَضِينَ فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً فَطُوبَى لِمَنْ كَانَ لَهُ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ حَظٌّ وَ نَصِيبٌ وَ وَيْلٌ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي ذَلِكَ الْمَقَامِ حَظٌّ وَ لَا نَصِيبٌ ثُمَّ يَجْتَمِعُونَ فِي مَوْطِنٍ آخَرَ وَ يَزَالُ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ وَ هَذَا كُلُّهُ قَبْلَ الْحِسَابِ فَإِذَا أُخِذَ فِي الْحِسَابِ شُغِلَ كُلُّ إِنْسَانٍ بِمَا لَدَيْهِ نَسْأَلُ اللَّهَ بَرَكَةَ ذَلِكَ الْيَوْمِ- قَالَ عَلِيٌّ ع وَ أَمَّا قَوْلُهُ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ ذَلِكَ فِي مَوْضِعٍ يَنْتَهِي فِيهِ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بعدها [بَعْدَ مَا] يَفْرُغُ مِنَ الْحِسَابِ إِلَى نَهَرٍ يُسَمَّى نَهَرَ الْحَيَوَانِ فَيَغْتَسِلُونَ مِنْهُ وَ يَشْرَبُونَ مِنْ آخِرٍ فَتَبْيَضُّ وُجُوهُهُمْ فَيَذْهَبُ عَنْهُمْ كُلُّ أَذًى وَ قَذًى وَ وَعْثٍ ثُمَّ يُؤْمَرُونَ بِدُخُولِ الْجَنَّةِ فَمِنْ هَذَا الْمَقَامِ يَنْظُرُونَ إِلَى رَبِّهِمْ كَيْفَ يُثِيبُهُمْ وَ مِنْهُ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِي تَسْلِيمِ الْمَلَائِكَةِ عَلَيْهِمْ- سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ فَعِنْدَ ذَلِكَ قوله تعالى أُثِيبُوا بِدُخُولِ الْجَنَّةِ وَ النَّظَرِ إِلَى مَا وَعَدَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَلِذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ وَ النَّاظِرَةُ فِي بَعْضِ اللُّغَةِ هِيَ الْمُنْتَظِرَةُ أَ لَمْ تَسْمَعْ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى- فَناظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ أَيْ مُنْتَظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ وَ أَمَّا قَوْلُهُ وَ لَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى- يَعْنِي مُحَمَّداً كَانَ عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى حَيْثُ لَا يُجَاوِزُهَا خَلْقٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ قَوْلُهُ فِي آخِرِ الْآيَةِ- ما زاغَ الْبَصَرُ وَ ما طَغى لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى رَأَى جَبْرَئِيلَ فِي صُورَتِهِ مَرَّتَيْنِ هَذِهِ مَرَّةٌ وَ مَرَّةً أُخْرَى وَ ذَلِكَ أَنَّ خَلْقَ جَبْرَئِيلَ خَلْقٌ عَظِيمٌ فَهُوَ مِنَ الرُّوحَانِيِّينَ الَّذِينَ لَا يُدْرِكُ خَلْقَهُمْ وَ لَا صِفَتَهُمْ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ قَالَ عَلِيٌّ ع وَ أَمَّا قَوْلُهُ ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ كَذَلِكَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى قَدْ كَانَ الرَّسُولُ يُوحِي إِلَيْهِ رُسُلٌ مِنَ السَّمَاءِ فَتُبَلِّغُ رُسُلُ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ وَ قَدْ كَانَ الْكَلَامُ بَيْنَ رُسُلِ أَهْلِ الْأَرْضِ وَ بَيْنَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُرْسَلَ بِالْكَلَامِ مَعَ رُسُلِ أَهْلِ السَّمَاءِ وَ قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص يَا جَبْرَئِيلُ هَلْ رَأَيْتَ رَبَّكَ؟ فَقَالَ جَبْرَئِيلُ إِنَّ رَبِّي لَا يُرَى فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص مِنْ أَيْنَ تَأْخُذُ الْوَحْيَ؟ قَالَ آخُذُهُ مِنْ إِسْرَافِيلَ قَالَ وَ مِنْ أَيْنَ يَأْخُذُهُ إِسْرَافِيلُ؟ قَالَ يَأْخُذُهُ مِنْ مَلَكٍ فَوْقَهُ مِنَ الرُّوحَانِيِّينَ قَالَ وَ مِنْ أَيْنَ يَأْخُذُ ذَلِكَ الْمَلَكُ قَالَ يُقْذَفُ فِي قَلْبِهِ قَذْفاً فَهَذَا وَحْيٌ وَ هُوَ كَلَامُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ كَلَامُ اللَّهِ لَيْسَ بِنَحْوٍ وَاحِدٍ مِنْهُ مَا كَلَّمَ اللَّهُ بِهِ الرُّسُلَ وَ مِنْهُ مَا قَذَفَ فِي قُلُوبِهِمْ وَ مِنْهُ رُؤْيَا يَرَاهَا الرُّسُلُ وَ مِنْهُ وَحْيٌ وَ تَنْزِيلٌ يُتْلَى وَ يُقْرَأُ فَهُوَ كَلَامُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ عَلِيٌّ ع وَ أَمَّا قَوْلُهُ- كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ فَإِنَّمَا يَعْنِي بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَنْ