لنا ألا تمالئ صالح
بن وصيف ، فحلف لهم ، فبايعوه حينئذ ثم طلبوا صالحاً ليناظروه على أفعاله
فاختفى ، وندبهم المهتدي إلى الصلح فاتهموه أنه يدري مكانه ، فجرى في ذلك
كلام ، ثم تكلموا في خلعه . فخرج إليهم المهتدي من الغد متلقداً بسيفه ،
فقال : قد بلغني شأنكم ، لست كمن تقدمني مثل المستعين والمعتز ، والله ما
خرجت إليكم إلا وأنا متحنط وقد أوصيت وهذا سيفي ! والله لأضربن ما استمسكت
قائمته بيدي ، أما دينٌ ، أما حياءٌ ، أما رعةٌ ؟ لم يكن الخلاف على
الخلفاء والجرأة على الله ؟
ثم قال : ما أعلم عِلْمَ صالح ، فرضوا
وانفضوا . ونادى موسى بن بغا : من جاء بصالح فله عشرة آلاف دينار ، فلم
يظفر به أحد ، واتفق أن بعض الغلمان دخل زقاقاً وقت الحر ، فرأى باباً
مفتوحاً فدخل فمشى في دهليز مظلم ، فرأى صالحاً نائماً ، فعرفه وليس عنده
أحد ، فجاء إلى موسى فأخبره ، فبعث جماعة فأخذوه وقُطعت رأسه ، وطِيفَ به
.. فكتب المهتدي إلى بكيال أن يقتل موسى ومفلحاً أحد أمراء الأتراك أيضاً ،
أو يمسكهما ، ويكون هو الأمير على الأتراك كلهم ! فأوقف بكيال موسى على
كتابه وقال : إني لست أفرح بهذا وإنما هذا يعمل علينا كلنا ، فأجمعوا على
قتل المهتدي وساروا إليه ، فقاتل عن المهتدي المغاربة والفراغنة
والأشروسنية ، وقُتل من الأتراك في يوم أربعة آلاف ، ودام القتال إلى أن
هُزم جيش الخليفة وأُمسك هو ، فعُصِر على خصيتيه فمات ، وذلك في رجب سنة ست
وخمسين » !