المسجد
وماج بعضهم في بعض ، ولم يكن يدرون ما الأمر ، فمنهم المنهزم ، ومنهم
الواقف ، ومنهم الكار إلى وجهة هذا العدو العادي ، وكان لما طعن عبد العزيز
أهوى على أخيه عبد الله وهو إلى جانبه وبرك عليه ليطعنه ، فنهض عليه
وتصارعا ، وجرح عبد الله جرحاً شديداً ، ثم إن عبد الله صرعه وضربه بالسيف
وتكاثر عليه الناس وقتلوه ، وقد تبين لهم وجهة الأمر .
ثم
حمل الإمام إلى قصره وقد غاب ذهنه وقرب نزعه ، لأن الطعنة قد هوت إلى جوفه
فلم يلبث أن توفي بعدما صعدوا به إلى القصر . رحمه الله تعالى وعفى عنه .
واشتد
الأمر بالمسلمين وبهتوا ، وكان ابنه سعود في نخله المعروف بمشيرفه في
الدرعية فلما بلغه الخبر أقبل مسرعاً واجتمع الناس عنده ، وقام فيهم ووعظهم
موعظة بليغة ، وعزاهم فقام الناس وبايعوه خاصتهم وعامتهم وعزوه بأبيه . ثم
كتب إلى أهل النواحي نصيحة يعظهم ويخبرهم بالأمر ويعزيهم ، ويأمرهم
بالمبايعة . وكل أهل بلد وناحية يبايعون أميرهم سعود فبايع جميع أهل
النواحي والبلدان ، وجميع رؤساء قبائل
العربان ولم يختلف منهم اثنان ، ولا انتطح عنزان . إن هذا الدرويش الذي قتل
عبد العزيز من أهل بلد الحسين رضي الله عنه : رافضي خبيث ، خرج من وطنه
لهذا القصد بعد ما قتلهم سعود فيها ، وأخذ أموالهم كما تقدم ، فخرج ليأخذ
الثأر ، وكان قصده سعود فلم يقدر عليه ، فقتل عبد العزيز ، وهذا والله أعلم
أحرى بالصواب ، لأن الأكراد ليسوا بأهل رفض ، ولا في قلوبهم غل على
المسلمين » . «
عنوان المجد : « ١ / ١٢٥ » .
أقول
: رحم الله ذلك الشهيد الذي خطط وتلطف في أمره وحمل روحه على كفه ، حتى جاءت ساعة الثأر لرسول الله صلىاللهعليهوآله وسبطه الحسين عليهالسلام
وللمؤمنين المغدورين في حرمه فتقدم من رأس النواصب وطعنه متقرباً بذلك الى الله تعالى .
ثم
قتل شهيداً بيد النواصب ، فحشره الله مع نبيه وأهل بيته الذين بذل فيهم مهجته .