يحفظ كل اللغة، كذا حكوه عن كتاب اخبار النحويين. فلاحظ.
قال ابن خلكان في تاريخه: ان الخليل قيل انه دعى بمكة أن يرزقه اللّه تعالى علما لم يسبق اليه أحد و لا يؤخذ الا عنه، فما رجع عن حجه الا و قد فتح اللّه عليه علم العروض، و له معرفة بالايقاع و النغم، و تلك المعرفة أحدثت له من علم العروض، فانهما متقاربان في المأخذ.
و اجتمع الخليل و عبد اللّه بن المقفع ليلة يتحادثان الى الغداة، فلما تفرقا قيل للخليل: كيف رأيت ابن المقفع؟ فقال: رأيت رجلا علمه اكثر من عقله.
و قيل لابن المقفع: كيف رأيت الخليل؟ فقال: رأيت رجلا عقله اكثر من علمه.
و قد أخذ عنه سيبويه علوم الادب، و كانت ولادة الخليل سنة مائة من الهجرة و توفي سنة سبعين و مائة، و قيل انه عاش أربعا و سبعين سنة-انتهى كلام ابن خلكان ملخصا [1].
و قد أورد المولى محمد صالح القزويني هذه القصة بالفارسية في كتاب نوادر العلوم على عكس ذلك، فانه فيه ما معناه: ان الخليل قد سئل بعد ما تفرقا عن عبد اللّه بن المقفع فقال رأيته رجلا عقله اكثر من علمه، و سئل ابن المقفع عن الخليل فقال رأيته رجلا علمه اكثر من عقله.
و قال المولى المذكور بعد نقل تلك القصة ما معناه: انه قد صدق كلاهما، لان زهد الخليل كان في الغاية، فانه نقل أنه كان يعيش في البصرة في بيت من القصب الى أن مات فيه، و كان تلاميذه قد حصلوا بالعلم الذي أخذوه عنه اموالا جليلة، و قد كانوا في غاية الرفاهية و نهاية السعة، و أما ابن المقفع فقد ارتكب في طلب الدنيا و تحصيل مقاصدها أمورا أدته الى القتل.