وَ صَلُّوا بِهِمُ الْمَغْرِبَ حِيْنَ يُفْطِرُ الصَّائِمُ وَ يَدْفَعُ الْحَاجُّ إِلَى مِنًى، وَ صَلُّوا بِهِمُ الْعِشَاءَ حِينَ يَتَوَارَى الشَّفَقُ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ، وَ صَلُّوا بِهِمُ الْغَدَاةَ وَ الرَّجُلُ يَعْرِفُ وَجْهَ صَاحِبِهِ، وَ صَلُّوا بِهِمْ صَلَاةَ أَضْعَفِهِمْ وَ لَاتَكُونُوا فَتَّانِينَ.
و من كتاب له (ع) (53)
كتبه للْأَشتر النخعي، لمّا ولاه على مصر و اعمالها حين اضطرب أمر
محمّد بن أبي بكر، و هو أطول عهد و أجمع كتبه للمحاسن
بسم اللَّه الرَّحمن الرَّحيم
هذَا مَا أَمَرَ بِهِ عَبْدُاللَّهِ عَلِيٌّ أَمِيْرُالْمُؤْمِنِينَ، مَالِكَ بْنَ الْحَارِثِ الْأَشْتَرَ فِي عَهْدِهِ إِلَيْهِ؛ حِيْنَ وَلَّاهُ مِصْرَ: جِبَايَةَ خَرَاجِهَا، وَ جِهَادَ عَدُوِّهَا، وَ اسْتِصْلَاحَ أَهْلِهَا، وَ عِمَارَةَ بِلادِهَا.
أَمَرَهُ بِتَقْوَى اللَّهِ، وَ إِيْثَارِ طَاعَتِهِ. وَاتِّبَاعِ مَا أَمَرَ بهِ فِي كِتَابِهِ: مِنْ فَرَائِضِهِ وَ سُنَنِهِ، الَّتِي لَايَسْعَدُ أَحَدٌ إِلَّا بِاتِّبَاعِهَا، وَ لَايَشْقَى إِلَّا مَعَ جُحُودِهَا وَ إِضَاعَتِهَا، وَ أَنْ يَنْصُرَ اللَّهَ سُبْحَانَهُ بِقَلْبِهِ وَ يَدِهِ وَ لِسَانِهِ؛ فَإِنَّهُ، جَلَّ اسْمُهُ، قَدْ تَكَفَّلَ بِنَصْرِ مَنْ نَصَرَهُ، وَ إِعْزَازِ مَنْ أَعَزَّهُ.
وَ أَمَرَهُ أَنْ يَكْسِرَ نَفْسَهُ مِنَ الشَّهَوَاتِ وَ يَزَعَهَا عِنْدَ الجَمَحَاتِ، فَإِنَّ النَّفْسَ أَمَّارَةٌ بالسُّوءِ، إِلَّا مَا رَحِمَ اللَّهُ.
ثُمَّ اعْلَمْ، يَا مَالِكُ، أَنِّي قَدْ وَجَّهْتُكَ إِلى بِلَادٍ قَدْ جَرَتْ عَلَيْهَا دُوَلٌ قَبْلَكَ، مِنْ عَدْلٍ وَ جَوْرٍ،