أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ مَنْ لَمْ يَحْذَرْ مَا هُوَ صَائِرٌ إِلَيْهِ لَمْ يُقَدِّمْ لِنَفْسِهِ مَا يُحْرِزُهَا. وَاعْلَمُوا أَنَّ مَا كُلِّفْتُمْ بِهِ يَسِيرٌ، وَ أَنَّ ثَوَابَهُ كَثِيرٌ. وَ لَوْ لَمْ يَكُنْ فِيَما نَهَى اللَّهُ عَنْهُ مِنَ الْبَغْيِ وَالْعُدْوَانِ عِقَابٌ يُخَافُ لَكَانَ فِي ثَوَابِ اجْتِنَابِهِ مَا لَاعُذْرَ فِي تَرْكطَلَبِهِ. فَأَنْصِفُوا النَّاسَ مِنْ أَنْفُسِكُمْ، وَاصْبِرُوا لِحَوائِجِهِمْ فَإِنَّكُمْ خُزَّانُ الرَّعِيَّةِ، وَ وُكَلَاءُ الْأُمَّةِ، وَ سُفَرَاءُ الْأَئِمَّةِ. وَ لَاتُحسِمُوا أَحَداً عَنْ حَاجَتِهِ، وَ لَاتَحْبِسُوهُ عَنْ طَلِبَتِهِ، وَ لَاتَبِيْعُنَّ لِلنَّاسِ فِي الْخَرَاجِ كِسْوَةَ شِتَاءٍ وَ لَاصَيْفٍ وَ لَادَابَّةً يَعْتَمِلُونَ عَلَيْهِا وَ لَاعَبْداً، وَ لَا تَضْرِبُنَّ أَحَداً سَوْطاً لِمَكَانِ دِرْهَمٍ، وَ لَاتَمَسُّنَّ مَالَ أَحَدٍ، مِنَ النَّاسِ مُصَلٍّ وَ لَا مُعَاهِدٍ؛ إِلَّا أَنْ تَجِدُوا فَرَساً أَوْ سِلَاحاً يُعْدَى بِهِ عَلَى أَهْلِ الْإِسْلَامِ. فَإِنَّهُ لَايَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَدَعَ ذلِكَ فِي أَيْدِي أَعْدَاءِ الْإِسْلامِ، فَيَكُونَ شَوْكَةً عَلَيْهِ. وَ لَاتَدَّخِرُوا أَنْفُسَكُمْ نَصِيحَةً، وَ لَاالجُنْدَ حُسْنَ سِيرَةٍ، وَ لَاالرَّعِيَّةَ مَعُونَةً، وَ لَادِيْنَ اللَّهِ قُوَّةً، وَ أَبْلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا اسْتَوْجَبَ عَلَيْكُمْ فَإِنَّ اللَّهَ، سُبْحَانَهُ، قَدِ اصْطَنَعَ عِنْدَنَا وَ عِنْدَكُمْ أَنْ نَشْكُرَهُ بِجُهْدِنَا، وَ أَنْ نَنْصُرَهُ بِمَا بَلَغَتْ قُوَّتُنَا، وَ لَاقُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ.
و من كتاب له (ع) (52)
إِلى أمراء البلاد في معنى الصلاة
أَمَّا بَعْدُ، فَصَلُّوا بِالنَّاسِ الظُّهْرَ حَتَّى تَفِيءَ الشَّمْسُ مِنْ مَرْبَضِ الْعَنْزِ وَ صَلُّوا بِهِمُ الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ بَيْضَاءُ حَيَّةٌ فِي عُضْوٍ مِنَ النَّهَارِ حِيْنَ يُسَارُ فِيهَا فَرْسَخَانِ