وَ يَقْطَعُ الْمَسَافَةَ وَ إِنْ كَانَ مُقِيماً وَادِعاً.
واعْلَمْ يَقِيناً أَنَّكَ لَنْ تَبْلُغَ أَمَلَكَ، وَ لَنْ تَعْدُوَ أَجَلَكَ، وَ أَنَّكَ فِي سَبِيلِ مَنْ كَانَ قَبْلَكَ. فَخَفِّضْ فِي الطَّلَبِ، وَ أَجْمِلْ فِي الْمُكْتَسَبِ، فَإِنَّهُ رُبَّ طَلَبٍ قَدْ جَرَّ إِلَى حَرَبٍ؛ فَلَيْسَ كُلُّ طَالِبٍ بِمَرزُوقٍ، وَ لَاكُلُّ مُجْمِلٍ بِمَحْرُومٍ. وَ أَكْرِمْ نَفْسَكَ عَنْ كُلِّ دَنِيَّةٍ وَ إِنْ سَاقَتْكَ إِلَى الرَّغَائِبِ، فَإِنَّكَ لَنْ تَعْتَاضَ بِمَا تَبْذُلُ مِنْ نَفْسِكَ عِوَضاً. وَ لَاتَكُنْ عَبْدَ غَيْرِكوَ قَدْ جَعَلَكَ اللَّهُ حُرّاً. وَ مَا خَيْرُ خَيْرٍ لَايُنَالُ إِلَّا بِشَرٍّ، وَ يُسْرٍ لَايُنَالُ إِلَّا بِعُسْرٍ.
وَ إِيَّاكأَنْ تُوجِفَ بِكَ مَطَايَا الطَّمَعِ، فَتُورِدَكمَنَاهِلَ الْهَلَكَةِ. وَ إِنِ اسْتَطَعْتَ إِلَّا يَكُونَ بَيْنَكَ وَ بَيْنَ اللَّهِ ذُو نِعْمَةٍ فَافْعَلْ. فَإِنَّكَ مُدْرِكقِسْمَكَ وَ آخِذٌ سَهْمَكَ، وَ إِنَّ الْيَسِيرَ مِنَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ أعْظَمُ وَ أَكْرَمُ مِنَ الْكَثِيرِ مِنْ خَلْقِهِ وَ إِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُ.
وصايا شتى
وَ تَلَافِيكَ مَا فَرَطَ مِنْ صَمْتِكَ أَيْسَرُ مِنْ إِدْرَاكِكَ مَافَاتَ مِنْ مَنْطِقِكَ، وَ حِفْظُ مَا فِي الْوِعَاءِ بِشَدِّ الْوِكَاءِ، وَ حِفْظُ مَا فِي يَدَيْكَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ طَلَبِ مَا فِي يَدَيْ غَيْرِكَ. وَ مَرَارَةُ الْيَأْسِ خَيْرٌ مِنَ الطَّلَبِ إِلَى النَّاسِ، وَالْحِرَفَةُ مَعَ الْعِفَّةِ خَيْرٌ مِنَ الْغِنَى مَعَ الْفُجُورِ، وَالْمَرْءُ أَحْفَظُ لِسِرِّهِ. وَرُبَّ سَاعٍ فِيَما يَضُرُّهُ! مَنْ أَكْثَرَ أَهْجَرَ، وَ مَنْ تَفَكَّرَ أَبْصَرَ. قَارِنْ أَهْلَ الْخَيْرِ تَكُنْ مِنْهُمْ، وَ بَايِنْ أَهْلَ الشَّرِّ تَبِنْ عَنْهُمْ. بِئْسَ الطَّعَامُ الْحَرَامُ! وَ ظُلْمُ الضَّعِيفِ أَفْحَشُ الظُّلْمِ إِذَا كَانَ الرِّفْقُ خُرْقاً كَانَ الْخُرْقُ رِفْقاً. رُبَّمَا كَانَ الدَّوَاءُ دَاءً، وَ الدَّاءُ دَوَاءً. وَ رُبَّما نَصَحَ غَيْرُ النَّاصِحِ، وَ غَشَّ الْمُسْتَنْصَحُ. وَ إِيَّاك و الإِتِّكَالَ عَلَى الْمُنَى فَإِنَّهَا بَضَائِعُ الْنَّوكَى، وَالْعَقْلُ حِفْظُ التَّجَارِبِ، وَ خَيْرُ مَا جَرَّبْتَ مَا وَعَظَكَ.