وَالنُّسْخَةُ هذِهِ: «هذَا مَا اشْتَرَى عَبْدٌ ذَلِيلٌ، مِنْ عَبْدٍ قَدْ أُزْعِجَ لِلرَّحِيلِ، اشْتَرَى مِنْهُ دَاراً مِنْ دَارِ الْغُرُورِ، مِنْ جَانِبِ الْفَانِينَ، وَ خِطَّةِ الْهَالِكِينَ. وَ تَجْمَعُ هذِهِ الدَّارَ حُدُودٌ أَرْبَعَةٌ: الْحَدُّ الْأَوَّلُ يَنْتَهِي إِلَى دَوَاعِي الْآفَاتِ، وَ الْحَدُّ الثَّانِي يَنْتَهِي إِلَى دَوَاعِي الْمُصِيبَاتِ، وَ الْحَدُّ الثَّالِثُ يَنْتَهِي إِلَى الْهَوَى الْمُرْدِي، وَ الْحَدُّ الرَّابِعُ يَنْتَهِي إِلَى الشَّيْطَانِ الْمُغْوِي، وَ فِيهِ يُشْرَعُ بَابُ هذِهِ الدَّارِ. اشْتَرَى هذَا الْمُغْتَرُّ بِالْأَمَلِ، مِنْ هذَا الْمُزْعَجِ بِالْأَجَلِ، هذِهِ الدَّارَ بِالْخُرُوجِ مِنْ عِزِّ الْقَنَاعَةِ، وَالدُّخُولِ فِي ذُلِّ الطَّلَبِ وَ الضَّرَاعَةِ، فَمَا أَدْرَكَ هذَا الْمُشْتَرِي فِيما اشْتَرَى مِنْهُ مِنْ دَرَكٍ، فَعَلَى مُبَلْبِلِ أَجْسَامِ الْمُلُوكِ، وَ سَالِبِ نُفُوسِ الْجَبَابِرَةِ، وَ مُزِيلِ مُلْكِ الْفَرَاعِنَةِ، مِثْلِ كِسْرَى وَ قَيْصَرَ، وَ تُبَّعٍ وَ حِمْيَرَ، وَ مَنْ جَمَعَ الْمَالَ عَلَى الْمَالِ فَأَكْثَرَ، وَ مَنْ بَنَى وَشَيَّدَ، وَ زَخْرَفَ وَ نَجَّدَ، وَ ادَّخَرَ وَ اعْتَقَدَ، وَ نَظَرَ بِزَعْمِهِ لِلْوَلَدِ، إِشْخَاصُهُمْ جَمِيعاً إِلَى مَوْقِفِ الْعَرْضِ وَ الْحِسَابِ، وَ مَوْضِعِ الْثَوَابِ وَ الْعِقَابِ: إِذَا وَقَعَ الْأَمْرُ بِفَصْلِ الْقَضَاءِ «وَ خَسِرَ هُنَالِكَ الْمُبْطِلُونَ» شَهِدَ عَلَى ذلِكَ الْعَقْلُ إِذَا خَرَجَ مِنْ أَسْرِ الْهَوَى وَ سَلِمَ مِنْ عَلَائِقِ الدُّنْيَا.
و من كتاب له (ع) (4)
إلى بعض أمراء جيشه
فَإِنْ عَادُوا إِلَى ظِلِّ الطَّاعَةِ فَذَاكَ الَّذِي نُحِبُّ، وَ إِنْ تَوَافَتِ الْأُمُورُ بِالْقَومِ إِلَى الشِّقَاقِ وَالْعِصْيَانِ فَانْهَدْ بِمَنْ أَطَاعَكَ إِلَى مَنْ عَصَاكَ، وَ اسْتَغْنِ بِمَنْ انْقَادَ مَعَكَ عَمَّنْ تَقَاعَسَ عَنْكَ، فَإِنَّ الْمُتَكَارِهَ مَغِيبُهُ خَيْرٌ مِنْ مَشْهَدِهِ، وَ قُعُودُهُ أَغْنَى مِنْ نُهُوضِهِ.