فَصَدَعَ بِالْحَقِّ؛ وَ نَصَحَ لِلْخَلْقِ، وَ هَدَى إِلَى الرُّشْدِ، وَ أَمَرَ بِالْقَصْدِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سلم.
العظة
وَ اعْلَمُوا، عِبَادَ اللَّهِ، أَنَّهُ لَمْ يَخْلُقْكُمْ عَبَثاً، وَ لَمْ يُرْسِلْكُمْ هَمَلًا، عَلِمَ مَبْلَغَ نِعَمِهِ عَلَيْكُمْ، وَ أَحْصَى إِحْسَانَهُ إِلَيْكُمْ، فَاسْتَفْتِحُوهُ، وَ اسْتَنْجِحُوهُ، وَ اطْلُبُوا إِلَيْهِ وَ اسْتَمْنِحُوهُ، فَما قَطَعَكُمْ عَنْهُ حِجَابٌ، وَ لَاأُغْلِقَ عَنْكُمْ دُونَهُ بَابٌ، وَ إِنَّهُ لَبِكُلِّ مَكَانٍ، وَ فِي كُلِّ حِينٍ وَ أَوَانٍ، وَ مَعَ كُلِّ إِنْسٍ وَ جَانٍّ؛ لَايَثْلِمُهُ الْعَطَاءُ، وَ لَايَنْقُصُهُ الْجِبَاءُ، وَ لَا يَسْتَنْفِدُهُ سَائِلٌ، وَ لَايَسْتَقْصِيهِ نَائِلٌ، وَ لَايَلْوِيهِ شَخْصٌ عَنْ شَخْصٍ، وَ لَايُلْهِيهِ صَوْتٌ عَنْ صَوْتٍ، وَ لَاتَحْجُزُهُ هِبَةٌ عَنْ سَلْبٍ، وَ لَايَشْغَلُهُ غَضَبٌ عَنح رَحْمَةٍ، وَ لَا تُولِهُهُ رَحْمَةٌ عَنْ عِقَابٍ، وَ لَايُجِنُّهُ الْبُطُونُ عَنِ الظُّهُورِ، وَ لَايَقْطَعُهُ الظُّهُورُ عَنِ الْبُطُونِ. قَرُبَ فَنَأَى، وَ عَلَا فَدَنَا، وَ ظَهَرَ فَبَطَنَ، وَ بَطَنَ فَعَلَنَ، وَدَانَ وَ لَمْ يُدَنْ، لَمْ يَذْرَءِ الْخَلْقَ بِاحْتِيَالٍ، وَ لَااسْتَعَانَ بِهِمْ لِكَلالٍ.
أُوصِيكُمْ، عِبَادَ اللَّهِ، بِتَقْوَى اللَّهِ، فَإِنَّها الزِّمامُ وَ الْقِوَامُ، فَتَمَسَّكُوا بِوَثَائِقِها، وَ اعْتَصِمُوا بِحَقَائِقِهَا، تَؤُلْ بِكُمْ إِلَى أَكْنَانِ الدَّعَةِ وَ أَوْطَانِ السَّعَةِ، وَ مَعَاقِلِ الْحِرْزِ وَ مَنَازِلِ الْعِزِّ، «يَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ»، وَ تُظْلِمُ لَهُ الْأَقْطَارُ، وَ تُعَطَّلُ فِيهِ صُرُومُ الْعِشَارِ. وَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ، فَتُزْهَقُ كُلُّ مُهْجَةٍ، وَ تَبْكَمُ كُلُّ لَهْجَةٍ، وَ تُذَلُّ الشُّمُّ الشَّوَامِخُ، وَالصُّمُّ الرَّوَاسِخُ، فَيَصِيرُ صَلْدُهَا سَرَاباً رَقْرَقاً، وَ مَعْهَدُهَا قَاعاً سَمْلَقاً، فَلا شَفِيعٌ يَشْفَعُ، وَ لَاحَمِيمٌ يَنْفَعُ، وَ لَامَعْذِرَةٌ تَدْفَعُ.