وَ زَارٍ عَلَى رَأْيِهِ، وَ رَاجِعٍ عَنْ عَزْمِهِ. وَ قَدْ أَدْبَرَتِ الْحِيلَةُ وَ أَقْبَلَتِ الْغِيلَةُ، «وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ» هَيْهَات هَيْهَاتَ! قَدْ فَاتَ مَا فَاتَ، وَ ذَهَبَ مَا ذَهَبَ، وَ مَضَتِ الدُّنْيَا لِحَالِ بَالِهَا، «فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَ الْأَرْضُ وَ مَا كانُوا مُنْظَرِينَ».
و من خطبة له (ع) (192)
تسمى القاصعة
و هي تتضمن ذمّ إبليس لعنه اللَّه، على استكباره و تركه السجود لآدم عليه السلام، و أنّه أول من أظهر العصبية و تبع الحمية، و تحذير الناس من سلوك طريقته.
ألْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَبِسَ الْعِزَّ وَ االْكِبْرِيَاءَ؛ وَ اخْتَارَهُمَا لِنَفْسِهِ دُونَ خَلْقِهِ، وَ جَعَلَهُمَا حِمىً وَ حَرَماً عَلَى غَيْرِهِ، وَ اصْطَفَاهُمَا لِجَلَالِهِ.
رأس العصيان
وَ جَعَلَ اللَّعْنَةَ عَلَى مَنْ نَازَعَهُ فِيهِمَا مِنْ عِبَادِهِ. ثُمَّ اخْتَبَرَ بِذلِكَ مَلَائِكَتَهُ الْمُقَرَّبِينَ، لَيمِيزَ الْمُتَوَاضِعِينَ مِنْهُمْ مِنَ الْمُسْتَكْبِرِينَ، فَقَالَ سُبْحَانَهُ وَ هُوَ الْعَالِمُ بِمُضْمَرَاتِ الْقُلُوبِ، وَ مَحْجُوبَاتِ الْغُيُوبِ: «إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَ نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ، فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ إِلَّا إِبْلِيسَ» اعْتَرَضَتْهُ الْحَمِيَّةُ فَافْتَخَرَ عَلَى آدَمَ بِخَلْقِهِ، وَ تَعَصَّبَ عَلَيْهِ لِأَصْلِهِ. فَعَدُوُّ اللَّهِ إِمَامُ الْمتَعَصِّبِينَ، وَ سَلَفُ الْمُسْتَكْبِرِينَ، الَّذِي وَضَعَ أَسَاسَ الْعَصَبِيَّةِ، وَ نَازَعَ اللَّهَ رِدَاءَ الْجَبْرِيَّةِ.