فَأَرَادَ أَنْ يُغَالِطَ بِمَا أَجْلَبَ فِيهِ لِيَلْتَبِسَ الْأَمْرَ وَ يَقَعَ الشَّكُّ. وَ وَ اللَّهِ مَا صَنَعَ فِي أَمْرِ عُثَمانَ وَاحِدَةً مِنْ ثَلاثٍ: لَئِنْ كَانَ ابْنُ عَفَّانَ ظَالِماً- كَما كانَ يَزْعُمُ- لَقَدْ كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُوَازِرَ قَاتِلِيهِ وَ أَنْ يُنَابِذَ نَاصِرِيهِ، وَ لَئِنْ كَانَ مَظْلُوماً لَقَدْ كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُنَهْنِهِينَ عَنْهُ، وَ الْمُعَذِّرِينَ فِيهِ. وَ لَئِنْ كَانَ فِي شَكٍّ مِنَ الْخَصْلَتَيْنِ، لَقَدْ كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَعْتَزِ لَهُ وَ يَرْكُدَ جَانِباً، وَ يَدَعَ النَّاسَ مَعَهُ، فَمَا فَعَلَ وَاحِدَةً مِنَ الثَّلاثِ، وَ جَاءَ بِأَمْرٍ لَمْ يُعْرَفْ بَابُهُ، وَ لَمْ تَسْلَمْ مَعَاذِيرُهُ.
و من خطبة له (ع) (175)
في الموعظة و بيان قرباه من رسول اللَّه
أَيُّهَا النَّاسُ غَيْرُ الْمَغْفُولِ عَنْهُمْ، وَ التَّارِكُونَ الْمَأْخُوذَ مِنْهُمْ. مَا لِي أَرَاكُمْ عَنِ اللَّهِ ذَاهِبِينَ، وَ إِلَى غَيْرِهِ رَاغِبِينَ! كَأَنَّكُمْ نَعَمٌ أَرَاحَ بِهَا سَائِمٌ إِلَى مَرْعىً وَ بِيٍّ وَ مَشْرَبٍ دَوِيٍّ وَ إِنَّما هِيَ كَالْمَعْلُوفَةِ لِلْمُدَى لَاتَعْرِفُ مَاذَا يُرَادُ بِهَا! إِذَا أُحْسِنَ إِلَيْهَا تَحْسِبُ يَوْمَهَا دَهْرَهَا، وَ شِبَعَهَا أَمْرَهَا. وَ اللَّهِ لَوْ شِئْتُ أَنْ أُخْبِرَ كُلَّ رَجُلٍ مِنْكُمْ بِمَخْرَجِهِ وَ مَوْلِجِهِ وَ جَمِيعِ شَأْنِهِ لَفَعَلْتُ، وَ لكِنْ أَخَافُ أَنْ تَكْفُرُوا فِيَّ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه و آله.
أَلَا وَ إِنِّي مُفْضِيهِ إِلَى الْخَاصَّةِ مِمَّنْ يُؤْمَنُ ذلِكَ مِنْهُ وَ الَّذِي بَعَثَهُ بِالْحَقِّ، وَ اصْطَفَاهُ عَلَى الْخَلْقِ، مَا أَنْطِقُ إِلَّا صَادِقاً، وَقَدْ عَهِدَ إِلَيَّ بِذلِكَ كُلِّهِ، وَ بِمَهْلِكِ مَنْ يَهْلِكُ، وَ مَنْجَى مَنْ يَنْجُو، وَ مَآلِ هذَا الْأَمْرِ. وَ مَا أَبْقَى شَيْئاً يَمُرُّ عَلَى رَأْسِي إِلَّا أَفْرَغَهُ فِي أُذُنَيَّ وَ أَفْضَى بِهِ إِلَيَّ.