يَتَوَارَثُهَا الظَّلَمَةُ بِالْعُهُودِ! أَوَّلُهُمْ قَائِدٌ لِآخِرِهِمْ، وَ آخِرُهُمْ مُقْتَدٍ بِأَوَّلِهِمْ؛ يَتَنَافَسُونَ فِي دُنْيَا دَنِيَّةٍ، وَ يَتَكَالَبُونَ عَلَى جِيفَةٍ مُرِيحَةٍ. وَ عَنْ قَلِيلٍ يَتَبَرَّأُ التَّابِعُ مِنَ الْمَتْبُوعِ، وَ الْقَائِدُ مِنَ الْمَقُودِ، فَيَتَزَايَلُونَ بِالْبَغْضَاءِ، وَ يَتَلَاعَنُونَ عِنْدَ اللِّقَاءِ. ثُمَّ يَأْتِي بَعْدَ ذلِكَ طَالِعُ الْفِتْنَةِ الرَّجُوفِ، وَ الْقَاصِمَةِ الزَّحُوفِ، فَتَزِيغُ قُلُوبٌ بَعْدَ اسْتِقَامَةٍ، وَ تَضِلُّ رِجَالٌ بَعْدَ سَلَامَةٍ! وَ تَخْتَلِفُ الْأَهْوَاءُ عِنْدَ هُجُومِهَا، وَ تَلْتَبِسُ الْآرَاءُ عِنْدَ نُجُومِهَا.
مَنْ أَشْرَفَ لَهَا قَصَمَتْهُ! وَ مَنْ سَعَى فِيهَا حَطَمَتْهُ. يَتَكَادَمُونَ فِيهَا تَكَادُمَ الْحُمُرِ فِي الْعَانَةِ. قَدِ اضْطَرَبَ مَعْقُودُ الْحَبْلِ، وَ عَمِيَ وَجْهُ الْأَمْرِ. تَغِيضُ فِيهَا الْحِكْمَةُ، وَ تَنْطِقُ فِيهَا الظَّلَمَةُ، وَ تَدُقُّ أَهْلَ الْبَدْوِ بِمِسْحَلِهَا، وَ تَرُضُّهُمْ بِكَلْكَلِهَا! يَضِيعُ فِي غُبَارِهَا الْوُحْدَانُ، وَ يَهْلِكُ فِي طَرِيقِهَا الرُّكْبَانُ؛ تَرِدُ بِمُرِّ الْقَضَاءِ، وَ تَحْلُبُ عَبِيطَ الدِّمَاءِ، وَ تَثْلِمُ مَنَارَ الدِّينِ، وَ تَنْقُضُ عَقْدَ الْيَقِينِ. يَهْرُبُ مِنْهَا الْأَكْيَاسُ، وَ يُدَبِّرُهَا الْأَرْجَاسُ.
مِرْعَادٌ مِبْرَاقٌ، كَاشِفَةٌ عَنْ سَاقٍ! تُقْطَعُ فِيهَا الْأَرْحَامُ، وَ يُفَارَقُ عَلَيْهَا الْإِسْلَامُ! بَرِيُّهَا سَقِيمٌ، وَ ظَاعِنُهَا مُقِيمٌ!
منهَا: بَيْنَ قَتِيلٍ مَطْلُولٍ، وَ خَائِفٍ مُسْتَجِيرٍ، يَخْتِلُونَ بِعَقْدِ الْأَيْمَانِ وَ بِغُرُورِ الْإِيمَانِ؛ فَلَا تَكُونُوا أَنْصَابَ الْفِتَنِ، وَ أَعْلَامَ الْبِدَعِ؛ وَ الْزَمُوا مَا عُقِدَ عَلَيْهِ حَبْلُ الْجَمَاعَةِ، وَ بُنِيَتْ عَلَيْهِ أَرْكَانُ الطَّاعَةِ؛ وَ اقْدَمُوا عَلَى اللَّهِ مَظْلُومِينَ، وَ لَاتَقْدَمُوا عَلَيْهِ ظَالِمِينَ. وَ اتَّقُوا مَدَارِجَ الشَّيْطَانِ، وَ مَهَابِطَ الْعُدْوَانِ. وَ لَاتُدْخِلُوا بُطُونَكُمْ لُعَقَ الْحَرَامِ، فَإِنَّكُمْ بِعَيْنِ مَنْ حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَعْصِيَةَ، وَ سَهَّلَ لَكُمْ سُبُلَ الطَّاعَةِ.