فَقَالَ عليه السلام: مَا بَالُكُمْ! لَاسُدّدْتُمْ لِرُشْدٍ! وَ لَا هُدِيتُمْ لِقَصْدٍ! أَفِي مِثْلِ هذَا يَنْبَغِي لِي أَنْ أَخْرُجَ؟ وَ إِنَّمَا يَخْرُجُ فِي مِثْلِ هذَا رَجُلُ مِمَّنْ أَرْضَاهُ مِنْ شُجْعَانِكُمْ وَ ذَوِي بَأْسِكُمْ، وَ لَا يَنْبَغِي لِي أَنْ أَدَعَ الْجُنْدَ وَ الْمِصْرَ وَ بَيْتَ الْمَالِ وَ جِبَايَةَ الْأَرْضِ، وَ الْقَضَاءَ بَيْنَ الْمُسْلِميْنَ، وَ النَّظَرَ فِي حُقُوقِ الْمُطَالِبينَ، ثُمَّ أَخْرُجَ فِي كَتِيبَةٍ أَتْبَعُ أُخْرَى، أَتَقَلْقَلُ تَقَلْقُلَ الْقِدْحِ فِي الْجَفِيرِ الْفَارِغِ، وَ إِنَّمَا أَنا قُطْبُ الرَّحَا، تَدُورُ عَلَيَّ وَ أَنَا بِمَكَانِي، فَإِذَا فَارَقْتُهُ اسْتَحَارَ مَدَارُهَا، وَ اضْطَرَبَ ثِفَالُهَا. هذَا لَعَمْرُ اللَّهِ الرَّأْيُ السُّوءُ! وَ اللَّهِ لَوْلَا رَجَائِي الشَّهَادَةَ عِنْدَ لِقَائِي الْعَدُوَّ- وَ لَوْ قَدْ حُمَّ لِي لِقَاؤُهُ- لَقَرَّبْتُ رِكابِي ثُمَّ شَخَصْتُ عَنْكُمْ فَلا أَطْلُبُكُمْ مَا اخْتَلَفَ جَنُوبٌ وَ شَمَالٌ؛ طَعَّانِينَ عَيَّابِينَ، حَيَّادِينَ رَوَّاغِينَ. إِنَّهُ لَاغَنَاءَ فِي كَثْرَةِ عَدَدِكُمْ مَعَ قِلَّةِ اجْتَماعِ قُلُوبِكُمْ لَقَدْ حَمَلْتُكُمْ عَلَى الطَّرِيقِ الْواضِحِ الَّتي لَايَهْلِكُ عَلَيْهَا إِلَّا هَالِكٌ، مَنِ اسْتَقَامَ فَإِلَى الْجَنَّةِ، وَ مَنْ زَلَّ فَإِلَى النَّارِ.
و من خطبة له (ع) (120)
يذكر فضله و يعظ الناس
تَاللَّهِ لَقَدْ عُلّمْتُ تَبْلِيغَ الرّسَالاتِ، وَ إِتْمَامَ الْعِدَاتِ، وَ تَمَامَ الْكَلِمَاتِ. وَ عِنْدَنَا- أَهْلَ الْبَيْتِ- أَبْوَابُ الْحُكْمِ وَ ضِيَاءُ الْأَمْرِ. أَلَا وَ إِنَّ شَرَائِعَ الدّينِ وَاحِدَةٌ، وَ سُبُلَهُ قَاصِدَةٌ.
مَنْ أَخَذَ بِها لَحِقَ وَ غَنِمَ، وَ مَنْ وَقَفَ عَنْهَا ضَلَّ وَ نَدِمَ. إِعْمَلُوا لِيَوْمٍ تُذْخَرُ لَهُ الذَّخَائِرُ، «وَتُبْلَى فِيهِ السَّرَائِرُ». وَ مَنْ لَا يَنْفَعُهُ حَاضِرُ لُبّهِ فَعَازِبُهُ عَنْهُ أَعْجَزُ، وَ غَائِبُهُ أَعْوَزُ.