جَعَلَ سُفْلاهُنَّ مَوْجاً مَكْفُوفاً وَ عُلْيَا هُنَّ سَقْفاً مَحْفُوظاً، وَ سَمْكاً مَرْفُوعاً، بِغَيْرِ عَمَدٍ يَدْعَمُهَا، وَ لا دِسَارٍ يَنْظِمُهَا ثُمَّ زَيَّنَها بِزِينَةِ الْكَوَاكِبِ، وَ ضِيَاءِ الثَّوَاقِبِ وَ أَجْرَى فِيها سِراجاً مُسْتَطِيراً وَ قَمَراً مُنِيراً: فِي فَلَكٍ دَائِرٍ، وَ سَقْفٍ سَائِرٍ، وَ رَقِيمٍ مَائِرٍ.
خلق الملائكة
ثُمَّ فَتَقَ مَا بَيْنَ السَّمواتِ الْعُلا، فَمَلَأَهُنَّ أَطْوَاراً مِنْ مَلائِكَتِهِ مِنْهُمْ سُجُودٌ لا يَرْكَعُونَ، وَ رَكُوعٌ لا يَنْتَصِبُونَ، وَ صَافُّون لا يَتَزَايَلُونَ، وَ مُسَبّحُونَ لايَسْأَمُونَ، لا يَغْشَاهُمْ نَوْمُ الْعَيُونِ، وَ لا سَهْوُ الْعُقُولِ، وَ لا فَتْرَةُ الْأَبْدَانِ، وَ لا غَفْلَةُ النّسْيَانِ. وَ مِنْهُمْ أُمَنَاءُ عَلَى وَحْيِه، وَ أَلْسِنَةٌ إِلَى رُسُلِهِ، وَ مُخْتَلِفُونَ بِقَضَائِهِ وَ أَمْرِهِ، وَ مِنْهُمُ الْحَفَظةُ لِعِبَادِهِ، وَ السَّدَنَةُ لِأَبْوابِ جِنَانِهِ. وَ مِنْهُمُ الثَّابِتَةُ في الْأرْضِينَ السُّفْلَى أَقْدَامُهُمْ، وَ الْمَارقَةُ مِنَ السَّماءِ الْعُلْيَا أعْناقُهُمْ، وَ الْخَارِجَةُ مِنَ الْأَقْطارِ أَرْكانُهُمْ، وَ الْمُنَاسِبَةُ لِقَوَائِمِ الْعَرْشِ أَكْتَافُهُمْ. ناكِسَةٌ دُونَهُ أَبْصَارُهُمْ مُتَلَفّعُونَ تَحْتَهُ بِأَجْنِحَتِهِمْ، مَضْرُوبَةٌ بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ مَنْ دُونَهُمْ حُجُبُ الْعِزَّةِ، وَ أَسْتَارُ الْقُدْرَةِ. لَا يَتَوَهَّمُونَ رَبَّهُمْ بِالتَّصْوِيرِ، وَ لا يُجْرُونَ عَلَيْهِ صِفَاتِ الْمَصْنُوعِينَ، وَ لَا يَحُدُّونَهُ بِالْأَماكِنِ، وَ لا يُشِيرُونَ إِلَيْهِ بِالنَّظَائِرِ.
صفة خلق آدم عليه السلام
ثُمَّ جَمَعَ سُبْحَانَهُ مِنْ حَزْنِ الْأَرْضِ وَ سَهِلْهَا، وَ عَذْبِها وَ سَبَخِها تُرْبَة سَنَّها بالْمَاءِ حَتَّى خَلَصَتْ. وَ لَاطها بِالْبَلَّةِ حَتَّى لَزَبَتْ فَجَبَلَ مِنْهَا صُورَةً ذَاتَ أَحْنَاءٍ وَ وُصُولٍ وَ أَعْضَاءٍ وَ فُصُولٍ: أَجْمَدَهَا حَتَّى اسْتَمْسَكَتْ وَ أَصْلَدَهَا حَتَّى صلْصَلَتْ لِوَقْتٍ مَعْدُودٍ،