وَ أَقَامَ رَصَداً مِنَ الشُّهُبِ الثَّوَاقِبِ عَلَى نِقَابِهَا، وَ أَمْسَكَهَا مِنْ أَنْ تَمُورَ فِي خَرْقِ الْهَوَاءِ بِأَيْدِهِ، وَ أَمَرَهَا أَنْ تَقِفَ مُسْتَسْلِمَةً لِأَمْرِهِ، وَ جَعَلَ شَمْسَهَا آيَةً مُبْصِرَةً لِنَهَارَها، وَ قَمَرَهَا آيَةً مَمْحُوَّةً مِنْ لَيْلِهَا، وَ أَجْرَاهُمَا فِي مَنَاقِلِ مَجْرَاهُمَا، وَ قَدَّرَ سَيْرَهُمَا فِي مَدَارِجِ دَرَجِهِمَا لُيمَيّزَ بَيْنَ اللَّيْلِ وَ النَّهَارِ بِهِمَا، وَ لِيُعْلَمَ عَدَدُ السّنِينَ وَ الْحِسَابُ بِمَقَادِيرِهِمَا، ثُمَّ عَلَّقَ فِي جَوّهَا فَلَكَهَا، وَ نَاطَ بِهَا زِيَنَتَهَا، مِنْ خَفِيَّاتِ دَرَارِيّهَا وَ مَصَابِيحِ كَوَاكِبِهَا، وَ رَمَى مُسْتَرِقِي السَّمْعِ بِثَوَاقِبِ شُهُبِهَا، وَ أَجْرَاهَا عَلَى أَذْلَالِ تَسْخِيرِهَا مِنْ ثَبَاتِ ثَابِتِهَا، وَ مَسِيرِ سَائِرِهَا، وَ هُبُوطِهَا وَ صُعُودِهَا، وَ نُحُوسِهَا وَ سُعُودِهَا.
و منها في صفة الملائكة:
ثُمَّ خَلَقَ سُبْحَانَهُ لِإِسْكَانِ سَموَتِهِ، وَ عِمَارَةِ الصَّفِيحِ الْأَعْلَى مِنْ مَلَكُوتِهِ، خَلْقاً بَدِيعاً مِنْ مَلائِكَتِهِ، وَ مَلَأَبِهِمْ فُرُوجَ فِجَاجِهَا، وَحَشَا بِهِمْ فُتُوقَ أَجْوَائِهَا، وَ بَيْنَ فَجَوَاتِ تِلْكَ الْفُرُوجِ زَجَلُ الْمُسَبّحِينَ مِنْهُمْ فِي حَظَائِرِ الْقُدْسِ، وَ سِتُرَاتِ الْحُجُبِ، وَ سُرَادِقَاتِ الَمجْدِ، وَ وَرَاءَ ذلِكَ الرَّجِيجِ الَّذِي تَسْتَكُّ مِنْهُ الْأَسْمَاعُ سُبُحَاتُ نُورٍ تَرْدَعُ الْأَبْصَارَ عَنْ بُلُوغِهَا، فَتَقِفُ خَاسِئَةً عَلَى حُدُودِهَا. وَ أَنْشَأْهُمْ عَلَى صُوَرٍ مُخْتَلِفَاتٍ، وَ أَقْدَارٍ مُتَفَاوِتَاتٍ «أُولِي أَجْنِحَةٍ» تُسَبّحُ جَلَالَ عِزَّتِهِ، لَا يَنْتَحِلُونَ مَا ظَهَرَ فِي الْخَلْقِ مِنْ صُنْعِهِ، وَ لَا يَدَّعُونَ أَنَّهُمْ يَخْلِقُونَ شَيْئاً مَعَهُ مِمَّا انْفَرَدَ (بِهِ، بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَ هُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ) جَعَلَهُمُ اللَّه فِيَما هُنَالِكَ أَهْلَ الْأَمَانَةِ عَلَى وَحْيِهِ، وَ حَمَّلَهُمْ إِلَى الْمُرْسَلِينَ وَدَائِعَ أَمْرِهِ وَ نَهْيِهِ، وَ عَصَمَهُمْ مِنْ رَيْبِ الشُّبُهَاتِ،