تنبيه الخلق
عِبَادٌ مَخْلُوقُونَ اقْتِدَاراً، وَ مَرْبُوبُونَ اقْتِسَاراً، وَ مَقْبُوضُونَ احْتِضاراً، وَ مُضَمَّنُونَ أَجْدَاثاً، وَ كَائِنُونَ رُفاتاً، وَ مَبْعُوثُونَ أَفْرَاداً، وَ مَدِينُونَ جَزَاءً، وَ مُمَيَّزُونَ حِسَاباً. قَدْ أُمْهِلُوا فِي طَلَبِ الَمخْرَجِ، وَ هُدُوا سَبِيلَ الْمَنْهَجِ؛ وَ عُمّرُوا مَهَلَ الْمُسْتَعتِبِ، وَ كُشِفَتْ عَنْهُمْ سُدَفُ الرّيَبِ، وَ خُلُّوا لِمِضْمارِ الْجِيَادِ، وَ رَوِيَّةِ الْارْتِيَادِ، وَ أَنَاةِ الْمُقْتَبِسِ الْمُرْتادِ، فِي مُدَّةِ الْأَجَل، وَمْضُطَرَبِ الْمَهَلِ.
فضل التذكير
فَيَالَها أَمْثَالًا صَائِبَةً، وَ مَوَاعِظَ شَافِيَةً، لَوْ صَادَفَتْ قُلُوباً زَاكِيَةً، وَ أَسْمَاعاً وَاعِيَةً، وَ آرَاءَ عَازِمَةً، وَ أَلْبَاباً حَازِمَةً! فَاتَّقُوا اللَّهَ تَقِيَّةَ مَنْ سَمِعَ فَخَشَعَ، وَاقْتَرَفَ فَاعْتَرَفَ، وَ وَجِلَ فَعَمِلَ، وَ حَاذَرَ فَبَادَرَ، وَ أَيْقَنَ فَأَحْسَنَ، وَ عُبّرَ فَاعْتَبَرَ، وَ حُذّرَ فَحَذِر، وَ زُجِرَ فَازْدَجَرَ، وَ أَجَابَ فَأَنَابَ، وَ رَاجَعَ فَتَابَ، وَاقْتَدَى فَاحْتَذَى، وَ أُرِيَ فَرَأَى، فَأَسْرَعَ طَالِباً، وَ نَجَا هَارِباً، فَأَفَادَ ذَخِيرَةً، وَ أَطَابَ سَرِيرَةً، وَ عَمَّرَ مَعَاداً، وَ اسْتَظْهَرَ زَاداً، لِيَوْمِ رَحِيلِهِ وَ وَجْهِ سَبِيلِهِ، وَ حَالِ حَاجَتِهِ، وَ مَوْطِنِ فَاقَتِهِ، وَ قَدَّمَ أَمَامَهُ لِدَارِ مُقَامِهِ.
فَاتّقُوا اللَّهَ عِبَادَ اللَّهِ جِهَةَ مَا خَلَقَكُمْ لَهُ، وَاحْذَروا مِنْهُ كُنْهَ مَا حَذَّرَكُمْ مِنْ نَفْسِهِ، وَ اسْتَحِقُّوا مِنْهُ مَا أَعَدَّ لَكُمْ بِالتَّنَجُّزِ لِصِدْقِ مِيعَادِهِ، وَ الْحَذَرِ مِنْ هَوْلِ مَعَادِهِ.
التذكير بضروب النعم
و منها: جَعَلَ لَكُمْ أَسْمَاعاً لِتَعِيَ مَا عَنَاهَا، وَ أَبْصَاراً لِتَجْلُوَ عَنْ عَشَاهَا،