responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : يسئلونك عن... المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 130

يوجد تحت ذلك الحائط كنز، وكان لولدين يتيمين، فقمت بإصلاحه وترميمه حتى لا يطلع على ذلك الكنز أحد سواهما، فيستفيدا منها بعد أن يكبرا.

وبناء على الآيات المذكورة أعلاه، فإنّ الخضر عليه السلامكان على علم بنيّة الملك الظالم لغصب السفن، كما كان يعلم نيّة ذلك الشاب في إضلال والديه، كما كان يعلم بحاجة اليتيمين لذلك الكنز في المستقبل، وكلّها من الأمور الخافية التي لا يمكن لأحد أن يطلع عليها، لذا كان للخضر عليه السلامحظ من علم الغيب، مع العلم بأنّه ليس من الرسل والأنبياء وأولي العزم، بل من الأنبياء الذين يمكن أن يوضعوا بالدرجة الثانية، فهل يمكن أن يكون لمثل هؤلاء حظ من علم الغيب، في حين أنّ خاتم الأنبياء والمرسلين نبيّنا محمد صلى الله عليه وآله لا يكون له حظ من ذلك.

بالإضافة إلى عدد من الأنبياء سواء من أولي العزم أو غيرهم، يوجد أشخاص عاديون يعلمون أموراً غيبية بإذن الله، إذ كيف يمكن لأم موسى أن تلقي بمهد طفلها الرضيع في مياه النيل المضطربة؟ ألم تكن قد توصلت عن طريق الإلهام الإلهي في نفسها إلى معرفة مستقبل ولدها موسى؟ يقول تعالى حول هذا في الآية الشريفة (7) من سورة القصص:

وَأَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ‌.

وبالتالي فإنّ هناك طائفتين من آيات القرآن الكريم حول علم الغيب، إحداهما تحصر علم الغيب بالله عزّ وجلّ وتنفيه عن الآخرين، والطائفة الأخرى تثبته للأنبياء من أولي العزم وحتى لغير الأنبياء، عندها ما موقفنا تجاه هذه الآيات؟

إنّ الجواب على هذا السؤال وكيفية تفسير هاتين الطائفتين من آيات القرآن الكريم، وردت في آيات أخرى من القرآن الكريم، ويجب عندها أنّ نفسّر القرآن بالقرآن.

ففي الآيتين الشريفتين (27- 26) من سورة الجن نقرأ قوله تعالى: عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً* إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُول فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً.

ومعنى هذه الآية أنّ من يعلم الغيب هو الله عزّ وجلّ فحسب، ولكن من الممكن للأنبياء والأولياء أن يطلعوا عليه بتعليم من الله، لذا فإنّ المقصود من الطائفة الأولى من الآيات التي حصرت علم الغيب بالله، هو ذلك العلم الذي علمه الله عزّ وجلّ لأنبيائه وأوليائه، وهذا الأمر تمت الإشارة إليه في المباحث السابقة أثناء عرضنا للخطبة (128) من نهج البلاغة.

الآية الشريفة (59) من سورة الأنعام شاهد آخر على مدّعانا، حيث يقول تعالى:

وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ.

وبناءً على هذه الآية الشريفة، فإنّ مفاتيح الغيب عند الله عزّ وجلّ فحسب، ولا توجد عند أحد غيره، وأمّا بناءً على ماذكره الإمام علي عليه السلامفي الخطبة (128) من نهج البلاغة، فإنّه أحياناً يمكن أن يطّلع غير الأنبياء والأئمّة مثل أم موسى عليه السلامعلى أمور غيبية وخفية بتعليم من الله عزّ وجلّ كما تم شرحه مسبقاً.

وبالتالي فإنّ علم الغيب مختص ذاتاً بالله عزّ وجلّ ومفاتيح الغيب عنده فحسب،

ولكن إذا أراد أن يطلع أحداً من عباده على ذلك، فهو يقوم به، وبتعبير آخر: إنّ علم الغيب الذاتي مختص بالله عزّ وجلّ، أمّا علم الغيب الاكتسابي فهو ممكن للأنبياء والأئمّة وأولياء الله عزّ وجلّ.

اسم الکتاب : يسئلونك عن... المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 130
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست