ه. تأثير فقه أهل البيت عليهم السلام في فتوى علماء أهل السنّة والقوانين
المدنية للبلدان الإسلامية
إنّ حركة «الفقه المقارن» المطرد وطرح فقه أهلالبيت عليهم السلام إلى جانب
المذاهب الفقهية الأخرى، أثمرت ثمارها وبرزت آثارها يوماً بعد آخر، فقد أدرك
الفقهاء والحقوقيون للمذاهب الأخرى عظمة فقه أهلالبيت عليهم السلام، فمضافاً إلى
إقدامهم على تصحيح بعض فتاواهم الفقهية، أقدموا كذلك على تدوين دائرة المعارف
الفقهيّة المشتملة على فقه أهل البيت عليهم السلام، ومن جملة هذه الموسوعات
الفقهية: «موسوعة جمال عبدالناصر في مصر، موسوعة فقه الإمام علي بن أبي طالب على
يد الدكتور رواس طلعچي في سورية، ومعجم فقه السلف، عترة وصحابة، والتابعين، على يد
أساتذة جامعة ام القرى في العربية السعودية.
وقد أثر هذا المنهج الجديد بسرعة في العالم الإسلامي بحيث إنّ بعض البلدان
الإسلامية غيّرت من قوانينها المدنية وفقاً لفقه مذهب أهل البيت عليهم السلام،
وكنموذج على ذلك نشير إلى ما يلي:
1. ترجيح فقه أهل البيت عليهم السلام في مسألة الالتزام بالشرط ضمن العقد
من المعلوم أنّ رأي جمهور فقهاء أهل السنّة أنّ الشرط ضمن العقد غير ملزم،
ولكن في نظر المذهب الجعفري وبعض الحنابلة فالعمل بالشرط ضمن العقد لازم فيما لو
لم يكن حراماً أو مغايراً لمقتضى العقد، على سبيل المثال: إذا اشترط المرأة ضمن
عقد الزواج (وهو من العقود اللازمة) أنّ زوجها لا يخرجها من المدينة الفلانية،
فالزوج لا يحق له إخراجها من تلك المدينة إلّابرضاها [2]، ولكن إذا اشترطت الخيار في عقد الزواج فذلك
شرط باطل [3].
ونقرأ في المادة 19 من قانون الاسرة في الأردن المرقم 61 لعام 1976 م، أنّه
اختار رأي المذهب الجعفري، يقول:
«إذا اشترط الطرفان ضمن العقد شرطاً
نافعاً لأحد الطرفين ولم يكن ذلك الشرط منافياً لمقاصد الزواج، ولم يكن ملزماً
بشيء محرّم في الشرع، فإنّ مراعاته واجبة» [4].
وكذلك ورد في المادة 28 من القانون المدني للُاسرة في دولة الإمارات هذا الرأي
أيضاً [5].
2. ترجيح فقه أهل البيت عليهم السلام في مسألة الرضاع
وفي مسألة الرضاع، الموجب للحرمة، أي حرمة الزواج بين الطفلين الرضيعين، فهناك
خلاف بين فقهاء الإسلام في تفسير الآية الشريفة والروايات الواردة في هذه الموضوع،
حيث ذهب بعض فقهاء المذاهب الأربعة كالحنفية والمالكية وأحمد في رواية إلى الحرمة
حتى لو كان الرضاع بمقدار قطرة من اللبن، وذلك