responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 65

لإجراء الحدّ عليه، كما أنّه لو تقرّر إثبات هذا الجرم من خلال شهادة الشهود، فيجب أن يشهد أربعة شهود بشرط أن يكونوا قد شاهدوا العمل المنكر بعينهم وأيضاً بشرط أن تكون شهادة هؤلاء الشهود الأربعة متناغمة ومتّسقة ومتطابقة.

النتيجة هي أنّ عقوبة مثل هذه الجرائم في حين كونها ثقيلة وشديدة، وبالتالي فهي تتمتّع بقوّة وقائية شديدة كما تقدّم، فإنّها في مقام الإثبات لا تشمل سوى عددٍ قليلٍ من الأفراد الذين تطبّق عليهم هذه العقوبات، وببيان آخر: إنّ الأشخاص الذين يقعون عملًا تحت طائلة هذه العقوبات هم الذين مزّقوا ستار الحياء وتحرّكوا لارتكاب المنكر من موقع التمرّد والجرأة، وكلّ إنسان يتمتّع بوجدان سليم يطالب لمثل هؤلاء الأشخاص أشدّ العقوبات ليكونوا عبرة للآخرين ويتطهّر جوّ المجتمع من التلوّث بهذا الذنب والإثم.

9. التوازن والتعادل‌

ومن الأمور الاخرى في أفضلية الفقه الإسلامي وأرجحيّته على سائر القوانين، التوازن والتعادل في قوانينه وأحكامه المختلفة، بحيث إنّنا كلّما بحثنا في أبعاد مسألة معينة، يتبيّن لنا أنّ هذا القانون راعى جميع الزوايا والأبعاد المختلفة لهذه المسألة، مضافاً إلى وجود تناسب وتناغم مع مجموعة القوانين والأحكام الأخرى.

هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإنّ القانون الإسلامي ينظر إلى جميع الأبعاد الوجودية للإنسان وأحاسيسه وعواطفه وغرائزه، وبالتالي يريد له سعادة الدنيا والآخرة.

ويمكن الإشارة إلى نماذج متعدّدة تشير إلى رعاية التوازن والتناسب في الأحكام الإلهيّة في كافة الفقه المختلفة.

مثلًا نرى في المسائل الاقتصادية أنّ بعض المذاهب الاقتصادية السائدة في العالم المعاصر قد ألغت الملكية الخصوصية، وبعضها الآخر لم تهتمّ بالملكية العامة، ولكن الإسلام ومن خلال رؤيته الدقيقة لحاجات الإنسان الروحية والجسمية، قد اعترف بكلا هاتين الملكيتين ووضع لهما قوانين خاصة.

وهكذا مع ما نراه من بعض المذاهب الاقتصادية التي أسست الملكية على عنصر «العمل» أو عنصر «الحاجة» في حين نرى أنّ الإسلام أسس أحكامه الاقتصادية على اسس متوازنة لكلا العنصرين ووضع أحكامه وقوانينه الاقتصادية بما يتناسب مع هذا الموضوع.

وفي المسائل الاجتماعية نرى أنّ بعض علماء الاجتماع ذهبوا إلى «أصالة الفرد» وأنكروا بذلك حقيقة أصالةالمجتمع، والبعض‌الآخر ذهب إلى «أصالةالمجتمع» ولم يهتمّ بالفرد وحقوقه في مقابل المجتمع، ولكن الإسلام يرى‌الأصالة لكلا هذين‌الأصلين: الفردوالمجتمع، ووضع أحكامه في إطار الواجبات العينية والكفائية على مستوى الفرد والمجتمع واعتبر أنّ كلّاً من الفرد والمجتمع مسؤول ومكلّف بتكاليف معينة تجاه الآخر.

وفي موضوع الغرائز، نرى أنّ البعض ذهب لكبت الغرائز، بينما ذهب البعض الآخر إلى لزوم إرضاء الغرائز وخاصّة الغريزة الجنسية بشكل كامل، وضرورة منح الحرية المطلقة في هذا المجال، في حين أنّ الإسلام ومن خلال رؤية واقعية، لم يكبت الغرائز ولم يطلق العنان لها في ذات الوقت، بل تحرّك على مستوى تعديلها وضبطها بالشكل المناسب وجعلها تسير في‌

اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 65
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست