responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 606

وبديهيّ أنّ أكثر الإشكالات الواردة على نظرية بنتام واردة أيضاً على نظريات أتباع هذا المذهب كآستين و هارت أيضاً.

2. مذهب المصلحة أو البراغماتية

وقد طرح هذه النظرية عالم النفس والفيلسوف الأمريكي في القرن التاسع عشر: ويليام جيمز [1] (1842-/ 1910) وبعده شاعت هذه النظرية وصار لها أتباع كثيرون، ويعترف ويليام جيمز بأنّ البراغماتية إسم جديد على بعض الأفكار والمناهج القديمة للفكر.

ويقوم هذا المنهج على أساس التحقيق في نتائج وثمرات أفعال الإنسان وجعلها معياراً للتقييم بدلًا من البحث في دائرة الغايات والمُثل العليا.

ومع أنّ جيمز لم يكن من العلماء الماديين بل كان يهتمّ كثيراً بالأمور المعنوية، ولكنّ عقيدته بالتجربة والمشاهدة أدّت إلى أن يتحرّك على مستوى تمييز الحقّ من الباطل في الأمور العقلية من هذا الطريق أيضاً، وفي الواقع فإنّ جيمز يريد إيجاد طريق وسط في عملية التوفيق بين نظرات أتباع المدرسة المادية والمدرسة الإلهيّة والدينية.

ويرى جيمز أنّ الميزان في تمييز الحقّ عن الباطل يكمن في الثمرة العملية التي تتولّد من إجراء الحكم على مستوى التطبيق في أرض الواقع، وكلّ قاعدة تنفع البشر في رفع حاجاتهم وتحسين ظروف الحياة فهي حق، وإذا كانت مضرّة للإنسان فهي باطل. وبعبارة أخرى: إنّ جميع الحقائق نسبية وإضافية ولا يوجد أيّ معيار ثابت ومطلق في هذا الباب‌ [2].

ويعتقد جيمز بأنّه لا يمكن رفض أيّة نظرية مفيدة لحياة الإنسان. وعليه فلا يبقى فرق في المذهب البراغماتي بين النافع والحقيقة.

وعلى حدّ تعبير مورتون وايت فإنّ فلسفة ويليام جيمز يمكن تصويرها بهذا الشكل: إذا كانت عقيدة معيّنة مفيدة لنا في واقع الحياة، فيجب أن نعتقد بها ونعلم بأنّها حقيقة. إذن على هذا الأساس يمكن القول أنّ الحقيقة هي النافعة [3].

وببيان آخر، إنّ جيمز قام بتغيير التعريف السائد للحقيقة من كونها عبارة عن مطابقة الفكر للواقع، إلى مطابقة الفكر للنافع في الواقع العملي وما يوجب لنا النجاح في الوصول إلى مطلوبنا بشكل أفضل‌ [4].

إنّ التأثير الكبير لنظرية جيمز أدّت إلى أن ترتبط الحقوق في بريطانيا وأمريكا، وميزان اعتبارها مرتبط بالأوضاع والأحوال الخاصّة في كلّ قضية، وقلّما يتمّ الرجوع إلى النظريات العامّة في الحقوق. يعني في الواقع أنّ كل قضية حقوقية يتمّ تشخيص الحقّ فيها على أساس ما تقتضيه المصلحة المنبعثة من أوضاع وأحوال تلك القضية بالخصوص، خلافاً للأسلوب السائد في دائرة الحقوق الفرنسية الذي يهتمّ أكثر بطرح وبحث النظريات العامة في الحقوق.

ولابدّ من الالتفات هنا إلى أنّ مراد ويليام جيمزمن المصلحة هو التوجّه لجميع الآثار والمعطيات البعيدة والقريبة والماضية والمستقبلية لعمل معيّن، وهذه النقطة


[1].1 .James .

[2]. انظر: مسار الحكمة في أوربا، ج 3، ص 266 (بالفارسيّة).

[3]. عصر التجزية والتحليل، ترجمة: برويز داريوش، ص 187 نقلًا عن فلسفة الحقوق، ج 1، ص 172 (بالفارسيّة).

[4]. الفلسفة العامة، تأليف: بيل فولكيه، ترجمة: الدكتور يحيى المهدوي، ص 358 (بالفارسيّة).

اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 606
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست