responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 59

التوحيد وعبادة اللَّه، بل يستوعب جميع أصول الدين وفروعه، وبالطبع فإنّ المراد من الكليات هي الفروع، على سبيل المثال فإنّ «الجهاد» يعتبر أمراً فطرياً لأنّ كلّ إنسان يدرك بفطرته لزوم الدفاع في مقابل الأعداء والتصدّي لهجومهم، و «الحجّ» عبارة عن عبادة جماعية تنسجم مع فطرة الإنسان الاجتماعية، و «الزواج» إشباع الغريزة الجنسية إشباعاً سليماً، فهو ينبثق من أعماق فطرة الإنسان، وهكذا «حسن العدل وقبح الظلم» من الأمور الفطرية. ومن بركات هذه الخصوصية في الفقه الإسلامي هي أنّه كما أنّ الفطرة الإنسانية أمر ثابت وشمولي ولا تختص بزمان ومكان، كذلك القوانين والمقرّرات الدينية لا تتبدّل ولا يصيبها القِدم بل هي جارية في جميع الأعصار والأمصار، وعلى هذا الأساس نقرأ في ذيل الآية المذكورة قوله تعالى: «لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ».

وبالطبع فإنّ دوام واستمرار الفقه هو من لوازم خاتمية الدين الإسلامي أيضاً، وأنّ خاتمية الإسلام تقتضي أن تكون قوانين الإسلام ومقرّراته وأحكامه قد بلغت حدّ التمام والكمال، وبإمكانها التطبيق والتجسيد على أرض الواقع في كلّ زمان ومكان ومع جميع الظروف والمقتضيات.

وسيأتي في فصل آخر من هذا الكتاب تفاصيل وأسرار هذا البيان وعنصر الخلود لأحكام الشريعة مع اختلاف الزمان والمكان تحت عنوان: «دور الزمان والمكان في الاجتهاد».

3. شموله لجميع الحاجات البشرية

تقدّم أنّ من لوازم الدين الفطري وكونه خاتماً، شمولية أحكام الفقه الإسلامي واستيعابها لجميع الأعصار والأمصار، وبالتالي القدرة على الاستجابة لجميع الحاجات البشرية على امتداد الزمان، وهذا المعنى يستفاد من آيات وروايات عديدة، فمن الآيات الشريفة، مضافاً إلى الآيات الدالّة على فطرية الدين وخاتمية الإسلام وعمومية رسالة النبيّ الأكرم صلى الله عليه و آله إلى البشرية كافّة في قوله تعالى: «وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ» [1] وآية الإكمال: «الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ...» [2]- مضافاً لكلّ ذلك- ورد التصريح بهذا المعنى في الآية الشريفة: «نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَىْ‌ءٍ» [3].

ومن الروايات، هناك نصوص كثيرة تدلّ على شمولية الأحكام، حيث أشرنا في عدّة فصول من هذا الكتاب إلى هذا المعنى، وهنا نكتفي ببيان ثلاث روايات، منها:

1. ما أورده الحاكم النيسابوري في كتابه‌ «المستدرك» في الحديث النبويّ المعروف في حجّة الوداع أنّ النبيّ الأكرم صلى الله عليه و آله قال::

«ليسَ مِن عَملٍ يُقَرِّبُ إلى الجنّةِ إلّاقد أمَرْتُكُم به ولا عَملٍ يُقَرِّبُ إلى النّار إلّاقد نَهَيتُكم عنه» [4].

2. وينقل حمّاد عن الإمام الصادق عليه السلام:

«ما من شي‌ءٍ إلّا وفيه كِتابٌ أو سُنَّة» [5].

3. عن سماعة، عن، الإمام أبي الحسن موسى عليه السلام قال: قلت له: أكلُّ شي‌ءٍ في كتاب اللَّه وسنّة نبيّه صلى الله عليه و آله،


[1]. سورة سبأ، الآية 28.

[2]. سورة المائدة، الآية 3.

[3]. سورة النحل، الآية 89.

[4]. المستدرك للحاكم، ج 2، ص 4. وورد هذا الحديث في كنز العمّال للمتّقي الهندي، ج 4، ص 24، ح 9317 أيضاً.

[5]. الكافي، ج 1، ص 59، ح 4.

اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 59
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست