وهنا نرى أنّ الشريعة الشفوية من خلال الاستفادة من لغة التوراة المدوّنة تمنح قانون التوراة مفهوماً جديداً لا يتطابق مع المفهوم الأصليّ حسب الظاهر [1] ..

إنّ بحث التلمود حول هذا القانون لا ينتهي بهذه التفاسير، بل يستفاد أيضاً في هذا البحث من العقل (سوارا) بعنوانه منبعاً مستقلّاً في عملية إثبات هذا القانون.

هل تقبلون أن يكون من المراد من قانون العين في مقابل العين هو الغرامة المالية، أو تقولون لعلّ المراد هو القصاص الواقعي‌

[بقلع عين الآخر

]؟ إذن ماذا تقولون في صورة أن تكون إحدى‌ العينين كبيرة والأخرى صغيرة؟

فهنا كيف يمكن إجراء هذا الأصل، وهو أنّ العين في مقابل العين؟ ... (باواقما 83 ب- 84 أ)

وبهذه الصورة، من خلال الاستفادة من أصول‌ ميدراش‌ و سوارا، فسّرت عقوبة قطع العضو خلافاً لظاهر التوراة بالغرامة المالية بدون أن يكون هناك مخالفة جدّية لفقهاء اليهود لهذا الأمر.

وهذا مجرّد مثال واحد من أمثلة وموارد كثيرة تحرّك علماء الهلاخا ومن خلال الاستفادة من منابع حقوقية مختلفة في الشريعة اليهودية إلى تفسير الهلاخا السابقة تفسيراً جديداً ومتناسباً مع مقتضيات الزمان وجعل قوانين تتناسب مع تحدّيات المرحلة ومقتضياتها.

المصطلحات:

آشري: اسم أحد اللوئح القانونية المهمّة لليهود التي تمّ تدوينها في القرن الثالث عشر بواسطة ربّي آشربن يحيئل المعروف ب «آشري» أو «رُش» والمقيم في اسپانيا.

«اجادا»: وهو ذلك القسم من التعاليم الدينية التي تشمل حوادث التاريخ، الأمثال الأخلاقية والمواعظ والبحوث والنظريات الفلسفية في دائرة العقائد.

آلبرشت آلت: هو أحد العلماء الذي كتب مقالة في عام 1934 تحت عنوان «المصادر الحقوقية لإسرائيل» وانطلق فيها من موقع بيان قوانين التوراة على أساس صياغة هذه القوانين (صياغة القوانين الموردية وصياغة القوانين الأمرية).

آمورائيم: جمع آمورا بمعنى الشارح والمفسّر، وهو لقب العلماء الذين أقدموا على شرح و تفسير الميشنا بعد إكمالها، وعملوا على تبديلها إلى التلمود. والعمل الآخر لهؤلاء العلماء هو شرح وتفسير المواضيع غير الهلاخاي، «البحوث الأخلاقية و ...» وحصيلة عملهم تجسّدت في ظهور التلمودين البابلي والفلسطيني (/ الاورشليمي). ويقال لآمورا في فلسطين «ربّي» وفي بابل «راو».

احَرونيم: بمعنى المتأخّرين أو المراجع المتأخّرة (في مقابل ريشونيم/ المراجع المتقدّمة) حيث يبدأ هذا العصر من القرن السابع عشر ويستمرّ إلى القرن الثامن عشر أو إلى العصر الحاضر على قول، والكثير من مدوّنات هذا العصر تتمثّل في نقد أو شرح كتاب‌ شالحان عاروخ.

ارباعاطوريم: ويعدّ هذا الكتاب المعروف به (طور) من أهم اللوائح القانونية التي تمّ تدوينها بعد كتاب موسى بن ميمون‌ «ميشنه تورا»، وهو من تأليف يعقوب بن آشر وهو ابن آشري. ومعنى‌ ارباعاطوريم‌ هو «الصفوف الأربعة أو الفصول الأربعة»، لأنّ هذا الكتاب‌

[1].

1. Cf. Jacob Neusner and Tamara Sonn, op. cit., p. 02- 22.