منابع شريعة اليهود

إشارة:

تقدّم أنّ أهمية الفقه الإسلامي وتعاليم القرآن والسنّة النبوية وتعاليم مدرسة أهل البيت عليهم السلام وعمقها وشموليتها إنّما تتجلىّ بوضوح عندما نتحرّك من موقع مقارنتها بالشرائع الأخرى. وهذه العملية في المقارنة مثمرة جدّاً وتعدّ مصدر فخر واعتزاز لجميع المسلمين في العالم.

المقالة الأولى: مراحل شريعة اليهود

إذا قلنا أنّ شريعة اليهود بدأت منذ زمان خروج بني اسرائيل من مصر ونزول الوصايا العشر على موسى (حدود 1280 ق م)، فإنّ تاريخ الشريعة اليهودية يمتد إلى 33 قرناً من الزمان. وقد شهدت هذه المنظومة التشريعية متغيرات كثيرة في هذا المسار التاريخي الطويل. ومع هذا الحال فإنّه بإمكان تقسيم تاريخ شريعة اليهود إلى مرحلتين أساسيتين: الأولى: عصر «الشريعة المكتوبة» والثانية: «الشريعة الشفهية»، وقد بدأت الشريعة اليهودية مع بداية نزول التوراة ثمّ أُضيف إليها بشكل تدريجيّ بحوث الشريعة الشفهية إلى أن تمّ تدوينها أخيراً بشكل «ميشنا» و «تلمود» (كما سيأتي توضيحه). وكان لهذه الشريعة الشفهية تأثيرات كبيرة على شريعة اليهود وحياتهم.

وسنشير فيما يلي إلى العصور التاريخية للشريعة اليهودية بشكل موجز، حيث تتشكّل من عشرة عصور.

العصور الثلاثة الأولى منها تختصّ بمرحلة «الشريعة المكتوبة» وسبعة عصور أخرى والتي تسمّى بعصر تنّائيم- أي مراحل تدوين الشريعة الشفهيّة بشكل رسمي- تعتبر هذه العصور ضمن مرحلة «الشريعة الشفهية».

أ) عصر الكتاب المقدّس‌

بدأ عصر الكتاب المقدّس أو التوراة منذ نزول الوحي بالتوراة على موسى في سيناء (1280 ق‌