responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 50

هادف لخدمة الإنسان في طريق سعادته وتكامله (ولعلّ قائل هذا الكلام لا ينكر هذا المطلب) لأنّه بالرغم من أنّ الإنسان يتمكّن من خلال السعي الجادّ واستخدام العقل والعلم من إشباع حاجاته الطبيعية بواسطة تسخير الأشياء الموجودة في عالم الطبيعة، ولكن لا شكّ في أنّ هذه العناصر تتزاحم عادة مع عناصر أخرى من شأنها تهديد حياة الإنسان وبقائه، ولابدّ من مواجهتها والتصدّي لها وإبعادها عن حياة الإنسان، ومن جهة أخرى فإنّ الكثير من أفراد البشر لا يعيشون القناعة، بل يطلبون المزيد حتّى بعد إشباع حاجاتهم الطبيعية، فبعد أن يحرزوا أصل بقائهم ووجودهم، يتحرّكون لإشباع رغباتهم وميولهم النفسانية من حياة الترف واللذائذ، وفي ظلّ هذا التزاحم والصراع وطلب المزيد ومع عدم الالتزام الديني، فإنّ احتمالات الانحراف والزيغ ستزداد قطعاً، هذه الإنحرافات تؤدّي إلى تكريس ظواهر الفقر والفساد والتمييز في أجواء المجتمع البشري، ومن الطبيعي أنّ حالات الفقرو الفساد و التمييز العنصري والعرقي تؤثّر تأثيراً مباشراً على روح الإنسان ونفسه وتسبّب بدورها مزيداً من حالات اليأس والجنوح الأخلاقي.

ولهذا السبب نرى وجود واجبات ومحرّمات كثيرة في الفقه الإسلامي في مجال المسائل التي تتّصل بحياة الإنسان الطبيعية، لحفظه من خطر النفس الأمّارة بالسوء.

والشاهد على هذا الكلام وجود كتاب الطهارة والنجاسة في‌الفقه لحفظ الإنسان في مجال الصحّة ورعاية الأمور الصحيّة، وكتاب الأطعمة والأشربة لإبعاد الإنسان عن الأطعمة المضرّة في بدنه أو المضرّة بحاله المعنوي والأخلاقي، وكذلك تحريم بعض أشكال السلوكيات والأعمال المضرّة تجاه الطبيعة حيث تشكّل خطراً على البيئة، وبشكل عام فهناك أحكام تقرّر حرمة الإضرار بالنفس وما يشكل خطراً على سلامة جسم الإنسان وروحه (وربّما لا يدرك الإنسان نفسه خطر هذه الأمور).

الحاجات الروحية والمعنوية:

النوع الثاني من الحاجات، هي الحاجات الروحية والمعنوية والتي تتّصل بدائرة النفس الإنسانية وتكون منشأ الميول الخيّرة أو الشريرة في واقع الإنسان وتؤدّي إلى صدور سلوكيات تتّسم بالقيمة الأخلاقية أو ما يخالف القيم في حياة الإنسان، مثل الحاجة للهدوء النفسي والروحي والحاجة للعبادة، ومعرفة سرّ الوجود وعلّة خلق الإنسان والعالم، والحاجة إلى الحبّ والإحسان، وأمثال ذلك.

ولا شكّ في أنّ الاستجابة الصحيحة والإشباع السليم لهذه الحاجات في الإنسان يؤدّي إلى تصحيح مسيرته في خطّ العدالة والفضيلة، وعلى العكس من ذلك فإنّ الاستجابة السقيمة والإشباع غير الصحيح يورثه حالات الكفر والظلم والكراهية.

إنّ حاجة الإنسان للفقه لإشباع هذه الحاجات أمر واضح جدّاً، لأنّه بالرغم من أنّ عقل الإنسان وفطرته يدركان الخير والشرّ والحقّ والباطل في حدود معينة ويقودان الإنسان إلى ما فيه صلاحه وخيره في هذا المجال، إلّاأنّنا نعتقد بأنّ تعقيد المسائل النفسية والروحية وتدخّل النوازع والأهواء النفسانية في هذه العملية كبير جدّاً إلى حدّ أنّه لو لم يتدخّل الوحي في عملية إرشاد الإنسان وهدايته وتفويض زمام أمره إلى العقل والتجربة البشرية، فإنّ الإنسان سيتحرّك قطعاً في‌

اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 50
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست