تقدّم بيان التعريف اللغوي والاصطلاحي للفقه، وكذلك أهميّة هذا الموضوع في
بداية هذا الكتاب.
ب) الحكومة
الحكومة مصدر ثانٍ، من «حَكَمَ يَحْكُمُ حُكماً» وعندما تتعدّى بحرف «الباء»
مثل (حكم بالأمر) أو «باللام» (حكم للرجل) أو «على» (حكم على
الرجل) فتأتي بمعنى القضاء وفصل الخصومة والنزاع،
أمّا إذا اقترنت بحرف «في» مثل (حَكمَ في
البلاد) فتأتي بمعنى تولّي إدارة البلاد [1] وإقامة العدل
وإزالة الظلم (أصل الحكومة ردّ الرجل عن الظلم)[2] ولا يبعد أن
تكون الآية الشريفة: «فَاحْكُمْ بَيْنَ
النَّاسِ بِالْحَقِّ»[3] بقرينة ورودها بعد آية «يَا
دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ» ناظرة إلى هذا المعنى.
كما أنّ مفردة «سياسة» في عرف هذا الزمان تقع مرادفة لها. وكذلك تأتي بمعنى إصلاح
أمور الرعيّة وتدبير شؤونهم [4]، ومعلوم أنّ هذا الإصلاح والتدبير إذا كان مقترناً بالصدق
والأمانة وينطلق من موقع وحي اللَّه تعالى وما يراه الحقّ تعالى من مصلحة العباد،
فمثل هذه الحكومة والسياسية يقال عنها حكومة إلهيّة وسياسة إلهيّة، وإذا كانت
تنطلق من وحي الأهواء النفسانية وبدوافع شيطانية فإنّها سياسة شيطانية وتقترن عادة
بالحيلة والخداع والمكر.
2. ضرورة الحكومة
لا شكّ في أنّ بقاء الصلح والأمن ورعاية حقوق الناس فيما بينهم يرتبط بشكل
وثيق بالحكومة لإيجاد نظام سياسيّ اجتماعيّ لكلّ المجتمع، لأنّ المجتمع بدون وجود
حكومة، سيعيش الفوضى والهرج والمرج، ولا يوجد عاقل لا يرى أنّ الحكومة أو النظام
السياسي يعدّ من ضررويات الأمور الاجتماعية. وعندما أطلقت