responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 478

تدوين كتب الفتوى:

بالرغم من أنّ الفقهاء الماضين قد ألّفوا رسائل عملية لمقلِّديهم وأحياناً كانت تسمّى‌ ب «المسائل ...» مثل: المسائل الجيلانيّة، والمسائل الرجبيّة للشيخ الطوسي وبعدها كتاب «الجامع العبّاسي» للشيخ البهائي و «جامع الشتات» للميرزا القمّيّ، ولكن أوّل متن رسالة عملية في الفتاوى تمّ تدوينها بواسطة عدد من فضلاء الحوزة العلمية في قمّ وفي عصر الفقيه المعروف السيّد محمّد حسين البروجردي، حيث تمّ تدوينها وفقاً لفتاواه، وكانت هذه الخطوة مؤثّرة في طريق بيان الأحكام الفقهية من موقع الوضوح لعامة الناس، وتعتبر أوّل خطوة في هذا السبيل حيث كانت كتب الفتوى السابقة زاخرة بالمصطلحات المعقّدة في مسائل الفقه مثل رسالة «جامع الشتات‌ للميرزا القميّ» (م 1231) وقد سمّيت هذه الرسالة باسم «توضيح المسائل»، من حيث سياق عباراتها الواضح وعدم وجود تعقيدات علمية وأدبية فيها مع كونها في غاية الدقّة والانسجام، ولهذا السبب فقد خلّفت أثراً عميقاً في أوساط المتدينين ويسّرت لهم فهم الأحكام الدينية والفتاوى الواردة فيها.

وبعد السيّد البروجردي أخذ مراجع التقليد الكبار من الشيعة بالاستفادة من هذه الرسالة العملية في تقرير فتاواهم على أساس عباراتها إلى عصرنا الحاضر، ومع إعادة تدوين كتاب «توضيح المسائل» وإضافة أجوبة المسائل المستحدثة، أخذت الرسائل العملية تظهر للناس بشكل أفضل وجديد وأكثر انسجاماً.

وفي دائرة فقهاء أهل السنّة نرى بعض الكتب الفتوائية أيضاً بعنوان «مجموعة الفتاوى ...» التي تتضمّن إجابات وفتاوى لأتباعهم ومقلِّديهم.

الخامس: التقليد في أصول الدين‌

المشهور بين علماء الإسلام بين الفريقين عدم جواز التقليد في أصول الدين والأحكام العقائدية، بل ينبغي للمكلّف التحقيق في هذه المسائل وتحصيل اليقين أو الاطمئنان. وإن ذهب جماعة إلى جواز التقليد في أصول الدين، كما سيأتي الدليل على قولهم هذا.

الأدلّة على عدم جواز التقليد في أصول الدين:

إنّ أهمّ هذه الأدلّة هو الدليل العقليّ، لأنّ المكلّف يجب عليه- بقاعدة دفع الضرر المحتمل- أن يتحرّك على مستوى دفع الضرر المحتمل والكشف عن حقائق عالم الخلقة ومعرفة أسرار هذا العالم، وبالتالي معرفة تكليفه إزاء ما يفرضه واقع الخلقة عليه. فلا يمكن الوقوف على الحياد أمام دعوات الأنبياء الإلهيين ودعاة الخير والصلاح والثواب الإلهي، لأنّ العقل يحتمل على الأقّل وجود تكاليف على الإنسان في مقابل خالق هذا العالم وما يفرضه من مسؤوليات تقتضي البحث عن عوامل السعادة والشقاء في حركة الحياة من أجل إنقاذ نفسه من العذاب المحتمل.

ومن أجل التخلّص من الضرر المحتمل والوصول إلى السعادة الموعودة، لا يمكن سلوك هذا الطريق من موقع تقليد الآخرين واتّباعهم، لأنّ الأديان والأفكار والمذاهب مختلفة، وكلّ دين ومذهب يملك طريقاً يعتقد بأنّه طريق الحقّ، وأنّه يملك العقائد الحقّة وماعداها طرق زائفة ولا تقود الإنسان إلى‌ طريق الخير والسعادة، وهنا لابدّ للإنسان من سلوك طريق الهداية بأدوات العقل والتحقيق والفحص لا من خلال التقليد والتبعية، ولذلك ينبغي له أن يتحرّك لمعرفة العقائد

اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 478
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست