responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 476

بهما بأحد الطرفين بدون اجتهاد.

ثانياً: إنّ العمل بالاحتياط في جميع الفروع والأحكام بإمكانه أن يوقع المكلّف في تعقيدات وحرج شديد، وهذا المعنى لا ينسجم مع روح الإسلام والغاية من بعث الأنبياء، وبعبارة أخرى: إنّ الاحتياط المطلق في جميع المسائل يوجب العسر والحرج على المكلّف وأحياناً يؤدّي إلى تعطيل الحياة.

ثالثاً: إنّ تشخيص موارد الاحتياط بدوره ليس باليسير، بل يحتاج إلى اطّلاع المكلّف على مسائل الشريعة ومعرفة مواقع الاحتياط وتحقيق مقدّماته، وهذا الأمر أيضاً خارج عن طاقة الكثير من الناس.

يقول صاحب كتاب‌ «العروة الوثقى»: «والذي يريد الاحتياط يجب عليه أن يكون مطّلعاً بكيفية الاحتياط، إمّا عن طريق الاجتهاد أو بطريق التقليد» [1].

وببيان آخر: إنّ المكلّف إذا اتّجه نحو العمل بالاحتياط، فذلك أيضاً يقتضي أن يكون مجتهداً أو مقلِّداً، بمعنى أنّه إمّا أن يكون مقلِّداً ويكسب الإذن بالعمل بالاحتياط من مرجع التقليد، أو يكون بنفسه مجتهداً كيما يستنبط بنفسه جواز الاحتياط في هذه المسائل، لأنّ مسألة جواز الاحتياط وعدمه بدورها من المسائل الخلافية بين الفقهاء [2].

ملاحظة:

لقد صرّح الفقهاء والأصوليون بعدم الحاجة للتقليد في مورد ضروريات الدين، كوجوب الصلاة والصوم وأمثال ذلك، وهكذا في الأمور القطعية- في صورة ما إذا حصل اليقين للمكلّف- فلا يجب التقليد في هذا المورد [3]. والدليل على ذلك واضح، لأنّ التقليد إنّما يصحّ في فرض عدم العلم بالحكم، وفي الموارد أعلاه العلم حاصل للمكلّف.

الرابع: نبذة تاريخية عن التقليد

التقليد في صدر الإسلام‌

يعتقد الكثير من المفكّرين بأنّ تاريخ التقليد بين المسلمين يمتدّ إلى صدر الإسلام وعصر النبيّ الأكرم صلى الله عليه و آله، لأنّه لا شكّ في أنّ أصحاب النبيّ لم يكونوا سواء، فبعض كالإمام عليّ عليه السلام وسلمان الفارسيّ، ومعاذ ابن جبل وأمثالهم، تعلّموا من النبيّ صلى الله عليه و آله القواعد العامّة للدين، ومع إحاطتهم ومعرفتهم بالقرآن والسنّة فإنّهم كانوا يملكون القدرة على تشخيص المصاديق بصورة دقيقة، وبالتالي معرفة حكم اللَّه والعمل به وتعليم الناس بذلك.

ومن هنا يمكن القول أنّ آية «النَفْر» في الواقع تعكس في مضمونها هذه الحقيقة، لأنّ ظاهر سياق:

«فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ» [4]. تشير إلى أنّ طائفة من الصحابة الذين كانوا متواجدين في المدينة قد تعلّموا المعارف الدينية والأحكام الشرعية من النبيّ الأكرم صلى الله عليه و آله ونقلوها إلى الآخرين، رغم أنّ هذه الآية تستوعب في عمومها جميع المعارف الدينية والأحكام الشرعية، وكذلك فإنّ ما ينقله هؤلاء


[1]. العروة الوثقى، كتاب التقليد، المسألة 2.

[2]. الموسوعة الفقهيّة الكويتيّة، ج 13، ص 160.

[3]. انظر: العروة الوثقى، كتاب التقليد، المسألة 6؛ التنقيح، ج 1، ص 76؛ المهذب في علم أصول الفقه المقارن، ج 5، ص 2392؛ مستمسك العروة، ج 1، ص 10.

[4]. سورة التوبة، الآية 122.

اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 476
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست