responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 468

ومسائل الشريعة بدورها غير مستثناة من هذه الحالة، حيث يجب على من لا يملك خبرة ومعرفة في هذه المسائل الرجوع إلى العلماء والمختصّين في أمور الدين، ويستفهم منهم تكاليفه الشرعية (ما عدا أصول الدين وبعض الموارد الأخرى التي سيأتي الكلام عنها).

وخلاصة الكلام إنّ سيرة العقلاء تقوم على أساس رجوع الجاهل إلى أهل الخبرة في كلّ علم وفن والمسائل الفقهية لا تخرج عن هذا الإطار، ونعلم أنّ الشارع لم يردع عن هذه السيرة بل قام بتقويتها وتأييدها كما سيأتي لاحقاً.

والظاهر أنّ العمدة في دليل جواز التقليد هو سيرة العقلاء، وأمّا الأدلّة الأخرى التي استدلّوا بها على ذلك فهي من باب تأييد هذه السيرة.

3. الآيات القرآنية

آية النَفْر:

ومن جملة الآيات التي استدلّوا بها على لزوم التقليد آية النفر حيث يقول تعالى: «فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ» [1].

والاستدلال بهذه الآية الكريمة ينطلق من أمور، أوّلًا: أنّ «لولا» تحضيضية، وحينئذٍ يكون النفر واجباً، وثانياً: أن التفقّه في الدّين واجب لأنّه جاء في هذه الآية كنتيجة للنَفْر (لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ‌). وثالثاً: أنّ الهدف من التفقّه والإنذار، تحذير الأشخاص الذين لم ينفروا (لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ‌) وبما أنّ هذه الآية مطلقة، فإنّها تدلّ على أنّ الحذر الواقع عقيب الإنذار واجب مطلقاً أيضاً حتّى في‌صورة ما إذا لم‌يحصل‌العلم لدى‌المنذرين‌ [2].

وقد اثيرت إشكالات حول دلالة الآية على المراد مذكورة مع أجوبتها في كتب الفقه والأصول.

آية الذكر:

ومن الآيات القرآنية التي استُدِلّ بها على ضرورة التقليد، آية الذكر حيث يقول تعالى: «فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَاتَعْلَمُونَ» [3].

ودلالة هذه الآية الشريفة تقوم على أساس أنّ الظاهر من وجوب السؤال هو العمل بالجواب، وإلّا كان السؤال لغواً وعبثاً، وعليه فإنّ هذه الآية الشريفة تدلّ على أنّ الجاهل يجب عليه في مقام العمل الرجوع إلى العالم والمتخصّص، وهذا هو معنى التقليد [4].

يقول «الآمدي»: «هو عامّ لكلّ المخاطبين ويجب أن يكون عامّاً في السؤال عن كلّ ما لا يعلم، بحيث يدخل فيه محلّ النزاع (أي الفروعات الدينية» [5].

واستشهد بعض أهل السنّة المعاصرين لجواز التقليد بهذه الآية الشريفة:: «وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِى الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ» [6].

وجملة «لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ» تشير إلى وجوب الرجوع في الأحكام الشرعية إلى أهل الاستنباط وهم المجتهدون والفقهاء والسؤال منهم‌ [7].

ولكن الاستدلال بهذه الآية مشكل، لأنّ الوارد في‌


[1]. سورة التوبة، الآية 122.

[2]. موسوعة آية اللَّه الخوئي، ج 1، ص 64.

[3]. سورة الأنبياء، الآية 7.

[4]. موسوعة آية اللَّه الخوئي، ج 1، ص 67.

[5]. الإحكام في أصول الأحكام، ج 4، ص 228.

[6]. سورة النساء، الآية 83.

[7]. المهذب في علم أصول الفقه المقارن للدكتور عبدالكريم النملة، ج 5، ص 2393.

اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 468
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست