responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 412

يستنبطه الفقيه من الأدلّة المعتبرة.

أمّا «الحكم» فيقع في مقابل الفتوى، وهو عبارة عن الأمر الشرعيّ في مقام التنفيذ أو تعيين المصداق أو الموضوع، أو تعيين زمان ومكان الحكم الشرعيّ وكذلك إلزام المكلّفين بفعل أو ترك عمل معيّن على أساس العناوين الثانوية والمصلحة الخاصّة في زمان معيّن أو مكان خاصّ، من قبيل الحكم بثبوت هلال شهر رمضان المبارك أو شهر ذي الحجّة من قِبل الحاكم الشرعيّ لأداء مناسك الحجّ أو الصوم.

أمّا «القضاء» فهو عبارة عن رفع الخصومة والنزاع والاختلاف بين طرفي النزاع على أساس تعيين الوظيفة الشرعية.

و «القضاء» له معنىً آخر أيضاً في اصطلاح الفقهاء وهو ما سيأتي في القسم الرابع تحت عنوان «الأداء، القضاء، الإعادة».

وأحياناً تستعمل مفردة «حكم» لعملية القضاء بين المتخاصمين أيضاً، كما ورد في رواية عمر بن حنظلة في قول الإمام عليه السلام:

«فإنّي قَدْ جَعَلْتُهُ عَلَيْكُمْ حاكِماً» [1]

ونفس هذا المورد في رواية أبي‌خديجة جاء بهذه العبارة:

«فإنّي قَدْ جَعَلْتُهُ عَلَيْكُم قَاضِياً» [2]

ومعلوم أنّ كلا هذين التعبيرين ناظران إلى تفويض منصب القضاء من قِبل الإمام عليه السلام إلى الفقهاء.

وقد ورد في القرآن الكريم أيضاً التعبير عن «القضاء» ب «الحكم» عدّة مرات، منها ما ورد في الآية الشريفة: «يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ» [3].

وهذا المعنى للحكم يتطابق مع ما ورد في كتب اللغة، فيرى‌ الفيّومي‌ أنّ «الحكم» بمعنى القضاء [4] وأمّا ابن منظور فيرى أنّ الحكم يأتي بمعنى القضاء بالعدل‌ [5].

الفرق بين الحكم والفتوى:

ويختلف الحكم عن الفتوى في ثلاثة أمور:

1. كيفية البيان: فالفتوى عبارة عن بيان الحكم الكلّي لعامّة الناس، كالفتوى بحرمة استخدام المخدّرات لجميع الناس، ولحسن الحظّ أنّ هذه الفتوى تعتبر أكثر فتاوى الفقهاء تأثيراً في التاريخ المعاصر، وهذا النحو من البيان يطلق عليه بالاصطلاح العلمي «قضيّة حقيقية».

وأمّا حكم الحاكم فهو عبارة عن إصداره الأمر بالإتيان بعمل معيّن أو تركه، من قبيل تحريم البضائع الإسرائيلية وخاصّة في هذه البرهة الزمنية الخاصّة، ويطلق على هذا النحو من البيان في الاصطلاح العلمي، بيان الحكم بشكل «القضية الشخصية».

2. التطبيق: بالنسبة للفتوى الفقهية فإنّ تطبيق الحكم الشرعيّ على موارده وتشخيص مصاديق موضوعات الأحكام يقع بعهدة المكلّفين، ولكن بالنسبة لصدور حكم الحاكم فالتطبيق يكون من شأن الحاكم، وأمّا المخاطبون للحكم فلا دخل لهم في عملية التطبيق، مثل حكم الحاكم بثبوت هلال شهر رمضان المبارك.

3. الحجيّة: إنّ فتوى المجتهد تعتبر حجّة شرعية لمقلِّديه فقط، ويجب عليهم الاتّباع والامتثال، وأمّا بالنسبة لحكم الحاكم الشرعيّ وقضائه، فلا يختصّ بمقلِّده، بل يستوعب في دائرة حجّيته جميع الناس الذين يقعون في دائرة الخطاب، وحتى المجتهد الآخر


[1]. وسائل الشيعة، ج 18، الباب 11 من أبواب صفات القاضي، ح 1.

[2]. المصدر السابق، ح 6.

[3]. سورة ص، الآية 28.

[4]. المصباح المنير، مادّة «حكم».

[5]. لسان العرب، مادّة «حكم».

اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 412
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست