responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 39

د) ونقرأ في روايات عديدة أنّها تستنكر على قوم يدعون ب «المرجئة» الذين يزعمون كفاية الإيمان للنجاة والفلاح بدون العمل، كما في الرواية عن الإمام الصادق عليه السلام في جوابهم:

«والإيمانُ دَعوى لا يَجوزُ إلّا بِبَيِّنَةٍ وبيِّنَتُه عَملُه ونِيَّتُه» [1].

كما ورد في العديد من الروايات الأخرى ذمّ الأشخاص الذين يدّعون محبّة أهل البيت عليهم السلام ويظنّون أنّ هذه المحبّة لوحدها كافية لنجاتهم، نظير ما ورد في رواية عن الإمام الباقر عليه السلام في خطابه لجابر:

«يا جابِرُ أيَكْتَفِي مَن ينتَحِلُ التشيُّعَ أن يقولَ بحُبِّنا أهلَ البَيتِ؟ فَوَاللَّهِ ما شيعَتُنا إلّامَنِ اتّقى‌ اللَّه وأطاعَهُ وما كانوا يُعرَفون- يا جابر- إلّابالتّواضُعِ والتخَشُّعِ والأمانَةِ وكَثْرةِ ذِكرِ اللَّه والصَّومِ والصَّلاةِ وبِرّ الوالِدَين والتّعاهُدِ للجِيرانِ مِن الفُقَراءِ وأهلِ المَسْكَنةِ والغارِمين والأيتامِ وَصِدقِ الحَديثِ وتِلاوَةِ القُرآنِ وكَفِّ الألسُنِ عن النّاس إلّامن خَيرٍ وكانوا أمناءَ عشائِرهم في الأشياء ... فاتَّقوا اللَّهَ واعمَلوا لِما عِنداللَّهِ، ليسَ بينَ اللَّهِ وبينَ أحَدٍ قَرابةٌ، أحَبُّ العِبادِ إلى اللَّه عزّوجلّ وأكْرَمُهم عليه أتْقاهُم وأعْمَلهُم بِطاعتِه، يا جابِر واللَّهِ ما يُتَقَرَّبُ إلى اللَّه تبارك وتعالى إلّابالطاعةِ وما مَعَنا براءةٌ مِن النّار ولا على‌ اللَّهِ لأحَدٍ مِن حُجَّةٍ، مَن كان للَّهِ مُطِيعاً فهُو لَنا وليٌّ ومَن كان للَّهِ عاصِياً فهو لنَا عَدوٌّ وما تُنالُ وِلايتُنا إلّا بالعَمَلِ والوَرَعِ» [2].

ومن الواضح أنّ العمل والورع والطاعة، بدون معرفة الفقه ومسائل الحلال والحرام، لا تتحقق في واقع الإنسان وسلوكه، كما أنّ التقوى التي تعدّ معيار الكرامة عند اللَّه كما في قوله تعالى: «إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ» [3] لا تتحّقق بدون تعلّم الواجبات والمحرمات التي تكفّل بيانها «الفقه». وعلى هذا الأساس فإنّ حبّ اللَّه والنبيّ صلى الله عليه و آله وأئمّة أهل البيت عليهم السلام الذي هو من لوازم الإيمان، لا يكمل بدون عمل وتحصيل المعرفة بالفقه.

تأثير العقائد والأخلاق في المسائل الفقهية:

تبيّن فيما سبق التأثير العميق «للفقه» في العقائد والأخلاق، واتّضح بجَلاء أنّ الإخلال «بالفقه» الذي يعدّ ثلث الدين، أي فيما يستنبطه الفقيه من الشريعة يؤدّي بالإخلال بالثلثين الآخرين، ولكنّ الملاحظة الجديرة بالاهتمام هو أنّ العكس صحيح أيضاً، فالإخلال بالعقائد والأخلاق يؤدّي أيضاً إلى الإخلال بالعمل بالشريعة والشاهد البيّن على المدّعى هو وجود أمور أخلاقية وقضايا عقائدية كثيرة في أبواب الفقه وفيما يلي إشارة إلى بعضها:

أ) إنّ القسم الأهمّ من الفقه يبحث في الأمور العبادية التي ترتكز على النيّة الخالصة وقصد القربة، وهذه بدورها ترتبط بالمسائل الأخلاقية والعقائدية، حتّى بالنسبة للأعمال التوصّلية بالرغم من أنّ قصد القربة فيها ليس شرطاً في صحّة العمل ولكن لا شكّ في أنّ قصد القربة فيها سبب في كمالها.

ويتّفق جميع الفقهاء على‌ أنّ تزكية العبادة من الرياء شرط في مطلق العبادات، فلو أنّ المكلّف قصد من عبادته الرياء فإنّ عمله باطل ويرتكب بذلك معصية كبيرة، لأنّه قد أشرك باللَّه تعالى، وحتّى أنّه لو قصد الرياء ببعض أجزاء الواجب أو المستحبّ في الأعمال العبادية أو كان أصل عمله للَّه‌تعالى ولكنّ أداءَه في‌


[1]. الكافي، ج 2، ص 39، ح 8.

[2]. المصدر السابق، ص 74، ح 3.

[3]. سورة الحجرات، الآية 13.

اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 39
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست