responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 372

ثمّ يضيف: «إنّ الأحاديث الواردة في كتاب «علل الشرائع» تشير إلى أنّ النبيّ الأكرم صلى الله عليه و آله وأئمّة أهل‌البيت عليهم السلام كانوا في صدد بيان فلسفة الأحكام منذ صدر الإسلام. وبما أنّ الأحكام الإسلامية تقوم على أساس المصالح والمفاسد الواقعية، فلهذا السبب وجد العقل فسحة للتدخّل في تشكيلة وصياغة القوانين الإسلامية من موقع التحقيق والتدبّر» [1].

ب) فلسفة الأحكام في نظر علماء أهل السنّة

تقدّم آنفاً أنّ هذه المسألة مترتّبة على قبول الحسن والقبح الذاتيين في الأشياء والأفعال وكذلك تتّصل بمسألة «العدل» و «الاختيار»، فالقائلون بالحسن والقبح الذاتيين «المعتزلة» والذين يذهبون إلى حرّية الإنسان واختياره، وكذلك القائلين بحجيّة القياس، فإنّهم في هذا المورد يؤيّدون مسألة فلسفة الأحكام ووجود الغاية والعلّة فيها، وينتقدون بشدّة المنكرين لهذه الحقيقة.

وفي مقابل ذلك فإنّ «الأشاعرة» وكذلك الظاهريين مثل «ابن حزم الأندلسي» وأيضاً من لا يرى القياس حجّة، فإنّ هؤلاء ينكرون وجود فلسفة وحكمة في الأحكام الشرعية، ويعترضون على الطائفة الأولى فيما يقرّرونه من مقولات كلامية.

واللافت أنّ كلّ واحدة من هاتين الطائفتين تتحرّك في مقابل ادعاءات الطائفة الأخرى من موقع الذمّ والتقبيح، وأحياناً يصل الأمر إلى مقولة التكفير أيضاً.

بعض أدلّة منكري فلسفة الأحكام:

1. يقول عليّ بن حزم الأندلسي (م 456) وهو من الظاهريين ومنكري القياس وفلسفة الأحكام، بعد نقله لقصّة خروج آدم عليه السلام من الجنّة المذكورة في الآيات 19 إلى 23 من سورة الأعراف، وكذلك بعد نقله الآية 12 من سورة الأعراف: «أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَني مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طينٍ»:

«فصحّ أنّ خطأ آدم عليه السلام إنّما كان من وجهين:

أحدهما: تركه حمل نهي ربّه تعالى على الوجوب، والثاني: قبوله قول إبليس أنّ النهي عن الشجرة إنّما هو لعلّة الإغراء.

فصحّ يقيناً بهذا النصّ البيّن أن تعليل أوامر اللَّه تعالى معصية، وأنّ أوّل ما عصى اللَّه تعالى في عالمنا هذا القياس، وهو قياس إبليس على أنّ السجود لآدم ساقط عنه، لأنّه خير منه، إذ خُلقَ إبليس من نار وآدم من طين، ثمّ بالتعليل لأوامر اللَّه كما ذكرنا، صحّ أنّ أوّل من قاس في الدين وعلّل في الشرائع كان إبليس».

ثمّ أضاف:

«فصحّ أنّ القياس وتعليل الأحكام دين إبليس، وأنّه مخالف لدين اللَّه تعالى، ونحن نبرأ إلى اللَّه تعالى من القياس في الدين وفي إثبات علّة الشي‌ء في الشريعة» [2].

وفي مكان آخر بعد نقله أهمّ أدلّة القائلين بفلسفة الأحكام (وبالطبع في نظر ابن حزم) وهو «الحكيم بيننا لا يفعل إلّالعلّة صحيحة، والسفيه هو الذي يفعل لا لعلّة» ويقول في جوابهم:

«فقاسوا اللَّه تعالى على أنفسهم، وقالوا: إنّ اللَّه تعالى لا يفعل شيئاً إلّالمصالح عباده، وراموا بذلك إثبات العلل في‌الديات ... وتكاد هذه القضية الفاسدة التي جعلوها عمدة لمذاهبهم وعقدة تنحلّ عنها فتاواهم‌


[1]. الإسلام ومقتضيات الزمان، ج 2، ص 28 و 29 (بالفارسيّة).

[2]. الإحكام في أصول الأحكام، ج 8، ص 574.

اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 372
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست