responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 369

أساس الأحكام الإسلامية، وهذا المنهج ليس فقط لا يساهم في توثيق العلاقة وتعميق الصلة بين الإنسان والأحكام السماوية بل ربّما يكون وسيلة جيدة للقضاء على القيم الدينية فيما تمثّله من غايات عليا في واقع الحياة البشرية.

مثلًا اعتبار الصلاة نوعاً من الرياضة البدنية، والأذان وسيلة لتقوية الأوتار الصوتية للحنجرة، والصيام يمثّل تنظيم غذائي لكسب الرشاقة وإزالة البدنة، والركوع والسجود حركات لعلاج فقرات الظهر والوقاية من مرض «انزلاق الفقرات»!

إنّ مثل هذه التوهّمات وأشكال الحدس والظنّ في صياغة فلسفة الأحكام تعدّ أمراً مضحكاً و مضرّاً وخطيراً في ذات الوقت و بعيداً عن المنطق والعقل‌ [1].

يقول أحد علماء أهل السنّة: «لقد ثبت بالاستقراء والتتبع في المنابع الفقهية أنّ علل الأحكام إمّا أن تكتشف من النصوص أو من الإجماع أو من طريق الإستنباط الفقهيّة، ثمّ أنّه ينقل نماذج في ما يتعلّق بالكشف عن علّة الحكم من نصوص القرآن والإجماع ويطرح بحثاً مفصّلًا في مورد «تنقيح المناط» و «تخريج المناط» و «تحقيق المناط» وبيان الفرق بينها» [2].

الخامسة: المقصود من معرفة فلسفة الأحكام‌

المراد من معرفة فلسفة الأحكام، العلم، التفصيلي بالهدف والغرض من الحكم الشرعيّ، وإلّا فإنّ العلم الإجماليّ، الذي يقرّر أنّ جميع أفعال اللَّه تعالى- سواء في بُعد التكوين أو في بُعد التشريع- معلّلة بالأهداف والأغراض، ممّا لا شك فيه في نظرنا، لأنّ اللَّه تعالى وصف نفسه في آيات قرآنية كثيرة أنّه «حكيم» وأنّ جميع أفعال اللَّه حكيمة وبعيدة عن اللغو والعبث:

«افَحَسِبْتُمْ انَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً» [3].

«رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلًا» [4].

السادسة: فائدة البحث في فلسفة الأحكام‌

مع الأخذ بنظر الاعتبار ما تقدّم في الأمر الخامس فنحن نعتقد بعدم وجود أيّ فعل من الأفعال الإلهيّة في عالم التكوين وعالم التشريع بدون مبرّر وغرض معقول، والأحكام والقوانين الإلهيّة تدور قطعاً حول المصالح والمفاسد. وعليه يثار هنا هذا السؤال: لماذا نبحث حينئذٍ عن فلسفة الأحكام؟ ألا يكفي هذا المقدار من العلم الإجماليّ بأنّه لا يوجد أيّ حكم بدون حكمة- في حركتنا في خطّ الإيمان والعبودية والانفتاح على اللَّه والدين؟

والجواب عن ذلك واضح، لأنّ العلم التفصيلي بفلسفة الأحكام تترتّب عليه فوائد لا تحصل من العلم الإجمالي بها، لأنّ الإنسان عندما يحيط علماً بالمصالح الموجودة في الواجبات الإلهيّة، أو يدرك المفسدة والضرر في التكليف المحرم، فإنّ ذلك سيخلق في نفسه باعثاً قوياً للتحرّك في خطّ امتثال هذا التكليف الإلهيّ الواجب وترك ذلك الحرام والابتعاد عنه.

كما أنّ المريض إذا فهم ما يترتّب على الأدوية التي أوصاه الطبيب بتناولها بشكل تفصيلي، وعلم بالأضرار التي منعه الطبيب منها، فإنّ ذلك من شأنه تقوية الباعث‌


[1]. انظر: أجوبة المسائل المذهبية، ص 272 (بالفارسيّة).

[2]. انظر: أصول الفقه للشلبي، ص 236- 249.

[3]. سورة المؤمنون، الآية 115.

[4]. سورة آل عمران، الآية 191.

اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 369
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست