responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 367

و «العدل» و «الحُسن والقُبح الذاتيين».

يقول الدكتور «محمّد مصطفى الشلبي» (المتوفى‌ 1401 ق):

«يختلف علماء الكلام في: هل أنّ لأفعال اللَّه وأحكامه فلسفة وحكمة أم لا؟ هنا توجد أربعة أقوال:

1. ذهب جميع الأشاعرة أو بعضهم إلى عدم وجود علّة وهدف لأفعال اللَّه.

2. وكذلك لا يرى‌ الفلاسفة وجود هدف لأفعال اللَّه ودليلهم على ذلك أنّ اللَّه ليس مختاراً في أفعاله، والهدف إنّما يكون في عمل الفاعل المختار.

3. ويرى‌ المعتزلة أنّ لأفعال اللَّه غرضاً وعلّةً، ولايوجد أيّ فعل إلهيّ بدون هدف.

4. ويعتقد فقهاء «الماتريدية» [1] أنّ جميع أفعال اللَّه معلّلة بالمصالح، فبعضها معلومة لنا وبعضها الآخر خافية علينا، ولكن هذا لايعني أنّ تعليل الحكم بالمصلحة واجب على اللَّه كما يقول المعتزلة، وأنّ هذه المسألة متفرّعةً على مسألة الحسن والقبح العقليين على حسب رأي المعتزلة والذي ينكره الأشاعرة. كما أنّ مسألة «التعليل» متفرّعةً على هذه الموضوع أيضاً أي هل أنّ أفعال الناس مخلوقةً للَّه‌تعالى كما يعتقد بذلك الأشاعرة، «وهي مقولة الجبر». أو أنّها مخلوقةً للعباد كما يقول بذلك المعتزلة، أو أنّ أفعال العباد منصوبة لقدرة اللَّه من جهة، ومنصوبة لقدرة العباد من جهة اخرى، كما ذهب إلى‌ ذلك بعض المتكلمين.

والمسألة الأخيرة «وهي مسألة الجبر والإختيار» تعتبر أوّل مسألة وقعت مورداً للنزاع بين المعتزلة وأهل السنة» [2].

وبالطبع لا مجال هنا للبحث في تفاصيل هذا الموضوع وبيان نقاط ضعف منطق الأشاعرة بالنسبة لنفي العدالة عن اللَّه تعالى والقول بالجبر وكذلك إنكار العلل والأغراض الإلهيّة والأحكام الشرعية، ولكن ينبغي الالتفات إلى أنّ تورّط الأشاعرة في مأزق الجبر المخوف وإنكارهم للعدل وفلسفة الأحكام والأفعال تنبع من منشأين، الأوّل: الابتعاد عن محتوى ومضمون الآيات القرآنية أو العمل على تفسيرها بالرأي، والآخر:

أنّهم تصوّروا أنّ هذه العقيدة ستمنحهم فهماً أفضل لمفهوم التوحيد الإلهيّ والحركة في خطّ التسليم المطلق أمام الأوامر الإلهيّة.

هذا في حين أنّنا نعلم أنّ القرآن الكريم وفي آيات كثيرة قد وصف اللَّه تعالى بأنّه حكيم، ومعنى الحكيم في العرف واللغة هو الشخص الذي يتحرّك في أفعاله وأعماله من موقع الحكمة.

وكذلك ما ورد في الآيات القرآنية من نفي العبث عن اللَّه تعالى حيث يفهم منه وجود علّة وحكمة في أفعاله وأحكامه.

وهكذا فإنّ ما ورد في الآيات الشريفة حول فلسفة الأحكام الشرعية يؤكّد هذا المفهوم أيضاً، ومن الغريب واقعاً ومع وجود هذه الآيات القرآنية، أن يختار الأشاعرة طريقاً آخر لهم؟!

الثالثة: موقع البحث في فلسفة الأحكام‌

تبيّن ممّا تقدّم في الأمر الثاني أنّ هذه المسألة تبحث في علم الكلام تارة، وفي علم أصول الفقه تارة


[1]. يشير هذا المصطلح إلى مدرسة كلامية أسّسها شخص باسم محمّد بن‌محمّد بن محمود الماتريدي السمرقندي (المتوفّى‌ 333) المنتمي إلى «ماتريد» أحدى‌ قرى سمرقند.

[2]. تعليل الأحكام، ص 97 و 98.

اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 367
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست