responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 347

العامل الثامن: الإختلاف في ترجيح الأدلة المتعارضة

أحياناً تكون هناك أدلّة متعدّدة على مسألة معيّنة حيث يقتضي كلّ دليل منها حكماً خاصّاً، وبالتالي فإنّ هذه الأدلّة ستكون متعارضة، وربّما ينطلق المجتهد في فتواه على أساس الضوابط الترجيحية التي يراها، بترجيح بعض الأدلّة على الأخرى والفتوى على أساسها. والنتيجة هي وقوع الاختلاف في فتاوى الفقهاء من هذه الجهة، من قبيل:

طهارة ونجاسة المنيّ:

أ) ذهب الشافعيون، الحنابلة [1] وأصحاب الحديث إلى طهارة المنيّ وصحّة صلاة من صلّى بلباس أو بدن ملوّث بالمنيّ.

ودليلهم لذلك ما ورد في رواية ابن عباس، عائشة وأحمد، فقد جاء في رواية ابن عباس مايلي:

«سُئل النبيّ صلى الله عليه و آله عن المنيّ يصيب الثوب. فقال: إنّما هو بمنزلة المخاط والبصاق وإنّما يكفيك أن تمسحه بخرقة أو اذخرة» [2].

ب) وذهب الأحناف والمالكية إلى نجاسته وبطلان الصلاة به، فأمّا الأحناف فقالوا أنّ المنيّ إذا كان جافّاً وأزاله الشخص عن لباسه وبدنه، فصلاته صحيحة.

وقد استدلّوا لإثبات نجاسة المنيّ أوّلًا: برواية أخرى عن عائشة وكذلك رواية عمّار، فقد ورد في رواية عمّار أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله قال:

«إنّما يغسل الثوب من خمس: من البول، والغائط، والمنيّ، والدّم والقي‌ء» [3].

وأمّا دليل قول الأحناف (طهارة الثوب بإزالة المنيّ بعد جفافه): هو ما ورد في الرواية الثالثة عن عائشة:

قال النبيّ الأكرم:

«إغسليه إن كان رطباً وافركيه إن كان يابساً» [4].

ونرى أنّ كلّ واحدة من هذه الفتاوى قد قامت على أساس ترجيح إحدى‌ هذه الروايات المتعارضة على غيرها.

وأمّا فقهاء الإماميّة فيتّفقون على نجاسة المنيّ مطلقاً، ويستدلّون بروايات متعدّدة عن أئمّة أهل البيت عليهم السلام في هذا المجال‌ [5].

العامل التاسع: الإختلاف في موارد حجية الأصول العلمية

ومن جملة الأمور التي سبّبت وقوع الخلاف في الفتوى، الاختلاف في موارد حجّية أصل البراءة، وأصل الاحتياط والاستصحاب والتخيير التي تسمّى بالأصول العملية، حيث يلجأ إليها المكلّف بعد عدم التوصّل للحكم الشرعي من الكتاب والسنّة كما ورد تفصيل الكلام في ذلك في علم الأصول.

ونظراً للاختلاف في دائرة ومساحة حجّية هذه الأصول، فقد وقع الخلاف في الفتاوى أيضاً، مثلًا:

1. ذهب الأخباريون إلى حرمة جميع أشكال التدخين، لأنّ هذا الأمر من موارد الشبهات التحريمية،


[1]. سنن الدارقطني، نقلًا عن: أثر الاختلاف في القواعد الاصولية، ص 108.

[2]. الفقه على المذاهب الأربعة، ج 1، ص 9.

[3]. نصب الراية، ج 1، ص 211 نقلًا عن أثر الاختلاف في القواعد الأصولية، ص 109.

[4]. المصدر السابق.

[5]. جواهر الكلام، ج 5، ص 290.

اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 347
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست