يعبدها المشركون حيث كان ذلك غالباً سبب في إثارة المشركين ليتحرّكوا،
بالمقابل على مستوى سبّ وإهانة مقدّسات الإسلام.
4. الأعمال التي تغلب فيها المصلحة، ولكنّها أحياناً تقع وسيلة ومقدّمة
لارتكاب الذنب والوقوع في المعصية، وبالجملة فإنّ المصلحة فيها أكثر من المفسدة.
ويرى ابن القيّم أنّ الذرائع من القسم الأول حرام قطعاً، ومن أجل إثبات القسم
الثاني والثالث أقام 99 دليلًا وشاهداً من الشريعة، وأمّا القسم الرابع فيرى
جوازها والحكم الشرعي لمثل هذه الذرائع في وجوبها واستحبابها وإباحتها، تابع
للمفاسد الشرعية فيها [1].
وأمّا المالكية وبعض الحنابلة فإنّهم يرون أن القسم الثاني فقط هو موضوع البحث
في سدّ الذرائع، أي الأعمال التي لها مصالح لذاتها، ولكنّ بعض الأشخاص يستخدمونها
للتوصّل إلى المعصية [2].
وأمّا فقهاء الإماميّة، فإنّهم ذكروا في كتبهم الأصولية هذا الموضوع بعنوان «مقدّمة الواجب ومقدّمة
الحرام» بدل عنوان «فتح وسدّ الذرائع» وذكروا لهذا الموضوع أقساماً مختلفة، ولكلّ
قسم منها حكماً معيّناً، من قبيل:
وفي الكثير من هذه الموارد المذكورة ذهبوا إلى وجوب مقدّمات الواجب وحرمة
مقدّمات الحرام.
آراء المذاهب بالنسبة إلى حجيّة سدّ وفتح الذرائع:
لقد ذهب الحنابلة إلى أنّها تعتبر أحد مصادر التشريع.
أمّا ابن القيّم فقد فتح باباً واسعاً في كتاب «أعلام الموقّعين» لموضوع سدّ الذرائع وذكر
أدلّة كثيرة لإثباتها [4] وقال: إنّ سدّ الذرائع يشكّل 14 من أحكام الدين، لأنّ التكاليف الفقهية في
الإسلام على أربعة أقسام: أمر نفسيّ، أمر غيريّ، نهي نفسيّ، نهي غيريّ [5].
ومن الطبيعي أنّنا إذا نظرنا إلى «فتح الذرائع» تحت هذا العنوان، فيكون (فتح
وسدّ الذرائع) على هذا الأساس 34 من الدين في نظر ابن القيّم.
وقد صرّح ابن القيّم بأنّ الأحكام والمسائل الشرعية تابعة للمقاصد، ولذلك فإنّ
أسباب المفاسد ومقدّمات الحرام حرام أيضاً، كما أنّ أسباب المصالح ومقدّمات الواجب
واجبة أيضاً.
أمّا الحنفية فرغم أنّهم لم يصرّحوا بشيء من ذلك، ولكن يمكن الاستفادة من
كلماتهم حجّية القول بسدّ الذرائع.
ويرى فقهاء المذهب المالكي أنّها من مصادر التشريع في الإسلام.
ولم يرد من فقهاء الشافعية أيّ نصّ صريح يدلّ على قبولهم لهذا الأصل، ولكنّهم
أفتوا في بعض الموارد بحيث لا يمكن تخريج هذه الفتوى إلّاعلى
[4]. وبالطبع فإنّ أغلب أدلته تقترن
بذكر مصاديق ليس فيها فساد أو حرمةفي نفسها، بل إمّا تكون سبباً للمفسدة وعمل
الحرام أو لحرمة أعمال بسبب وجود المفسدة فيها، حيث ترتبط بالبحث الفلسفي في تحريم
أعمال الحرام لمفاسدها الواقعية.