إنِ اتّبعتُموهما وهما كتابَ اللَّهِ وأهلُ بَيتي عِترتي»
ويقول ابن حجر الهيثمي في كتاب «الصواعق المحرقة»[5] أنّه ورد في
الحديث الشريف:
«إنّي قد تَركتُ فِيكم الثَّقَلين
...»
ويصرّح بأنّه حديث صحيح ومعتبر.
واللافت للنظر أنّ ابن حجر الهيثمي يضيف أيضاًما مضمونه: «ثمّ اعلم أنّ لحديث
التمسّك بذلك، طرقاً كثيرة وردت عن نيّف وعشرين صحابيّاً، وفي بعض تلك الطرق أنّه
قال النبيّ صلى الله عليه و آله ذلك بحجّة الوداع بعرفة، وفي أخرى أنّ النبيّ صلى
الله عليه و آله قاله بالمدينة في مرضه، وقد امتلأت الحجرة بأصحابه، وفي أخرى أنّ
النبيّ صلى الله عليه و آله قال ذلك بغدير خمّ، وفي أُخرى أنّه قاله لمّا قام
خطيباً بعد انصرافه من الطائف، ولا تنافي، إذ لا مانع من أنّه كرّر عليهم ذلك في
تلك المواطن وغيرها اهتماماً بشأن الكتاب العزيز والعترة الطاهرة».
وبعد أن يبيّن ابن حجر هذا المطلب، يقول: «إنّ جميع هذه الأحاديث يمكن أن تكون
صحيحة، وأنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله قد ذكر هذا الأمر كراراً وفي أماكن
مختلفة ليبيّن أهميّة كتاب اللَّه والعترة الطاهرة».
وبالطبع فإنّ الكلام عن حديث الثقلين كثير ومحلّه في الكتب الكلامية، والمراد
منه هنا إثبات حجّية أحاديث أهل البيت عليهم السلام.
ومع وجود كلّ هذه الأحاديث إذا قمنا بتقديم رواية وردت عن الإمام عليّ عليه
السلام على روايات سائر الصحابة وجعلناها مدركاً للحكم الشرعيّ، هل نرتكب بذلك
خطأً؟ وهكذا بالنسبة لروايات أئمّة أهل البيت التي تنتهي بسندها إلى الإمام عليّ
عليه السلام.
ج) رأي وعمل الصحابة
الثالث من منابع الاجتهاد الذي أدّى الاختلاف في حجّيته إلى الاختلاف في فتوى
الفقهاء، هو «رأي وعمل الصحابيّ».
وقبل الدخول في البحث نرى من اللازم تعريف الصحابيّ. يقول ابن حجر العسقلاني
في بداية كتابه:
«إنّ أصحّ التعاريف، أنّ الصحابيّ هو
الشخص الذي التقى برسول اللَّه صلى الله عليه و آله و هو مؤمن، حتى لو كان قد
لاقى رسول اللَّه صلى الله عليه و آله مدّة قصيرة ولم ينقل أيّ حديث منه ولم
يشترك معه في أيّ غزوة» [6]. رغم أنّ هذا التعريف لم يقع مورد قبول جميع فقهاء أهل السنّة.
وهنا ثلاثة أقوال لدى فقهاء الإسلام حول حجّية رأي وعمل الصحابيّ: