responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 284

4. علم البلاغة (المعاني والبيان والبديع)

ويعتبر علم البلاغة من العلوم اللازمة معرفتها في استنباط الأحكام الفقهية [1]، يقول‌العلّامة الوحيد البهبهاني في‌ «الفوائد الحائرية»: إنّ السيّد المرتضى، الشهيد الثاني والشيخ أحمد بن متوّج البحراني، يرون علم المعاني والبيان من شرائط الاجتهاد، بل إنّ الشيخ أحمدوالشهيد الثاني ذهبا إلى أنّ علم البديع أيضاً من شرائط الاجتهاد» [2].

وقد استدلّ هؤلاء بأنّ أحد المرجّحات في باب التعارض بين الخبرين، هو البلاغة والفصاحة في الخبر بمعنى أنّه إذا كان الخبران المتعارضان متساويين من جميع الجهات، فإنّ الخبر الأبلغ والأفصح يكون هو المقدّم، وبديهيّ أنّ معرفة هذا الأمر تتوقّف على المعرفة بعلم المعاني والبيان والبديع.

وفي مقابل هذه الطائفة ذهب البعض إلى أنّ الفصاحة والبلاغة ليستا من مرجّحات باب التعارض، لأنّ كلمات المعصومين عليهم السلام تختلف في الفصاحة والبلاغة، فأحياناً تكون الرواية واردة في مقام الوعظ والخطابة، وأحياناً أخرى في مقام بيان الأحكام الفرعية والمسائل العملية التي تلقى للناس بلسان العرف وباللغة السائدة.

وفي الفرض الأوّل، فإنّ المعصومين عليهم السلام يستخدمون قواعد البلاغة والفصاحة في كلماتهم وخطاباتهم من قبيل خطب‌ «نهج البلاغة» وأدعية «الصحيفة السجّادية» وأمثال ذلك.

وأمّا في الفرض الثاني وهو مقام بيان الأحكام الفرعية والعملية، فإنّ كلماتهم تلقى للناس بشكل عادي وبدون الالتزام برعاية قواعد البلاغة والفصاحة.

وهذا المطلب من قبيل النسبة بين الآيات القرآنية والأحاديث القدسيّة، ففي الآيات القرآنية نلاحظ مراعاة قواعد البلاغة والفصاحة في مراتب عليا حتّى أنّها وردت في مقام التحدّي أيضاً، ولكنّ الأحاديث القدسيّة ليست على هذا الشكل، مع أنّ كليهما يمثّلان كلام اللَّه تعالى.

ومن الجدير بالذكر أنّ بعض مباحث المعاني والبيان، مثل تقديم ما حقّه التأخير (مثل المفعول) الذي يفيد الحصر، وأبواب المجاز والحقيقة والكناية والاستعارة، لها تأثير كامل في فهم المقصود من الآيات والروايات وفهم الأحكام من الأدلة اللفظية، ولكنّ مثل هذه البحوث تبحث عادة في علم الأصول. وعليه فلا يحتاج المجتهد إلى دراسة وتحصيل علم البلاغة بشكل مستقلّ‌ [3].

والحقيقة أنّ هذه العلوم- كما تقدّمت الإشارة إليه- تملك بحوثاً وأبواباً مختلفة، فبعضها مؤثّر في أصل عملية الاجتهاد مثل مباحث القصر ومباحث الإنشاء والخبر في المعاني، والمباحث المتعلّقة بالحقيقة والمجاز وأقسام الدلالات والكناية وأقسام التشبيه في علم البيان.

ومع أنّه من الممكن أن يبحث المجتهد في علم الأصول ذلك المقدار اللازم للاجتهاد من علوم البلاغة، ولكنّ هذه المسألة لا تتنافى مع أصل توقّف الاجتهاد على هذه العلوم.


[1]. الفوائد الحائرية، ص 341؛ الأصول العامة للفقه المقارن، ص 574؛ الاجتهاد في الشريعة الإسلاميّة، ص 25.

[2]. الفوائد الحائرية، ص 341 و 342.

[3]. أنوار الاصول، ج 3، ص 627 و 628.

اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 284
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست