responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 273

هي المصلحة التي يعلم بأنّها يقينيّة في الحكم الشرعيّ، في حين أنّ المصالح المرسلة عند أهل السنّة تشمل المصالح الظنّية أيضاً.

ج) محوريّة العرف وانقلاب الأحكام الشرعيّة إلى عرفيّة!

الشبهة الأخرى، أنّه مع تدخّل الدين في مجال السياسة وتأثير الزمان والمكان في الأحكام، فإنّ ذلك يؤدّي إلى انقلاب الدين الإلهيّ إلى دين عرفيّ، وحينئذٍ سيفقد قداسته لدى الناس، وببيان آخر: إنّ ارتباط المدرسة الفقهية بجهاز الحكومة والسلطة يؤدّي إلى تحميل السياسة ومقضياتها على الدين، والسلطة خاصّة في العصر الحاضر تعتبر أهم مركز عرفيّ في المجتمع، وعليها من أجل حفظ بقائها في العالم المعاصر أن تتحرّك في خطّ المحاسبات العقلانية، وتعمل وفق المصالح والمنافع وتحسب مقدار النفقات والمحدوديات والقدرات التي تملكها، وكلّ هذه المتغيّرات ستنعكس على الدين في الحكومة الدينية وبالتالي لا يبقى للدين شي‌ء إلّاوانقلب إلى عرف وحسابات مصلحية.

الجواب: إنّ العرف يعدّ من العناصر التي يعتمدها الفقيه لمعرفة موضوعات الأحكام لا الأحكام نفسها فالعرف يساهم في الكشف بشفّافية عن الموضوعات من أجل استنباط أحكامها في إطار الضوابط الدينية، وأمّا مورد الإشكال هنا فتبعيّة الدين للعرف، ومثل هذا الأمر لا يتحقّق بمجرّد تدخّل العرف في تشخيص الموضوعات.

وتوضيح ذلك: إنّ الضرورات وأشكال الأزمات والتحدّيات التي تواجه الحكومة الدينية إذا دخلت في إطار العناوين الثانوية، فحكمها واضح، وهذا لا يرتبط بشكل أو بآخر بعرفية الأحكام، مثلًا عندما نرى في الظروف الحالية أنّ عملية الشورى في أمور المسلمين لا تتيسّر إلّامن خلال انتخاب المجلس التشريعي من قِبل الناس، فنحن نتحرّك أيضاً بهذا الاتّجاه، لأنّ الضرورة هنا تستوجب ذلك، والضرورات من العناوين الثانوية. كما ورد في الحديث المعروف:

«ليس شي‌ء ممّا حرّم اللَّه إلّاوقد أحلّه لِمَن اضطُرّ إليه» [1]

، وبديهيّ أنّ من الممكن أن يكون الشي‌ء في ذاته مباحاً كالانتخابات، ولكنّ الضرورات تدعو للقول بوجوبه.

ومن جهة أخرى، فإنّ الرجوع للعرف لتشخيص موضوعات الأحكام، غير ما يقال عنه في مسألة العرف الذي يقصد به اتّجاه ايديولوجي لمواجهة الإيمان الديني لدى الناس.

والملاحظة المهمّة فيما نحن فيه هي أنّ القضايا الشرعية، كما هو ثابت في علم الأصول، صادرة على نحو القضايا الحقيقية التي تنظوي في دائرة شمولها جميع الأفراد الموجودين في زمان الحكم وما بعده، وفي الواقع إنّها تعود إلى القضايا الشرطية. فالبرغم من إمكانية أن يتغيّر خصوص موضوع مثل هذه القضايا على امتداد الزمان، أو تظهر له مصاديق جديدة، وتبعاً لذلك يتغير الحكم الشرعي، ولكنّ الشرطية والتلازم الموجود في مثل هذه القضايا (إذا كان كذا فيكون كذا) ثابتة دائماً، وروح وجوهر هذه القضايا يعود إلى تلك الشرطية والتلازم الموجود، ومن الواضح أنّ تغيير الموضوع أو المصداق وحتّى تغيير المحمول في القضية


[1]. مستدرك الوسائل، ج 12، ص 258.

اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 273
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست