responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 264

من باب الكشف الدقيق عن موضوع المطاف، أي أنّ الفقيه بعد التدقيق في الأدلّة التي تقول إنّ حدّ المطاف يقع بين البيت و مقام إبراهيم، اتّضح له أنّ هذا الحكم ليس حكماً وجوبياً ويتبيّن أنّ عدم وجود الزحام الشديد في السابق لم يكن يستدعي التدقيق في النصوص وتحصيل رؤية جديدة.

ومن هذا القبيل مسألة الهدي وذبح الأضاحي في الحجّ وكيفية الاستفادة من لحومها.

5. والمثال الآخر على هذا المعنى تأكيد علماء أهل السنّة على كسر حاجز التعبّد بالمذاهب الأربعة وفتح باب الاجتهاد على الفقهاء المعاصرين، لأنّ كتب القدماء لم يرد فيها الكثير من المسائل، أو التحدّت عن بعض المسائل بشكل إجمالي، بينما في عصرنا الحاضر ظهرت مسائل جديدة وتحدّيات جدّية، أدّت إلى أن يتحرّك علماء المذاهب المختلفة على مستوى التدقيق والتدبّر في أدلّة انسداد باب الاجتهاد أو حصر المذاهب في أربعة، وبالتالي توصّلوا إلى هذه الحقيقة، وهي عدم وجود أيّ دليل معتبر على انسداد باب الاجتهاد ولا على حصر المذاهب في المذاهب الأربعة السائدة [1].

وبالطبع فإنّ فقهاء مدرسة أهل البيت عليهم السلام كانوا يرون منذ البداية انفتاح باب الاجتهاد وعدم حصره.

إنّ الأمثلة والنماذج المذكورة آنفاً تشير إلى عدم وجود طريق مسدود في دائرة الأحكام الإسلامية، وما كان من فتاوى غير منسجمة، إنّما كان بسبب عدم وجود الباعث على التدقيق أكثر في النصوص، والتغييرات الجديدة أوجبت على الفقيه التدقيق أكثر في النصوص وبالتالي اكتشاف الأحكام الواقعية، وهذا بحدّ ذاته من آيات وتجلّيات خاتميّة الإسلام وشموليته.

الأمر الرابع: طريقة تأثير الزمان والمكان‌

بعد أن تعرّفنا على مساحة وكيفية تأثير الزمان والمكان، لا بأس بإلقاء نظرة أخرى على‌ كيفية «تأثير الزمان والمكان في دائرة المفاهيم القرآنية» وفي «السيرة النظرية والعملية للمعصومين» وفي «فتاوى قدماء الفقهاء والمعاصرين» لأنّ طريقة تأثير الزمان والمكان في كلّ واحد من الموارد المذكورة، مختلفة.

1. طريقة التأثير في دائرة المفاهيم القرآنية

ألف) القرآن الكريم نزل بالتدريج على امتداد 23 سنة وفي أمكنة متعدّدة، والأغلب في مكّة والمدينة. فلا عجب أن يؤثّر مرور الزمان واتّساع رقعة المكان في طبيعة فهم الآيات القرآنية، بحيث أنّ الآيات المكّية تمتاز بعدّة خصوصيات على الآيات المدنية وفقاً لبعض التفاسير، مثلًا الآيات المكّية بشكل عام تتمحور حول مسألة الإنذار والتبشير بالمبدأ والمعاد، لأنّها يجب أن تهيىّ‌ء العرب الجاهليين لقبول الإسلام، ومن جهة أخرى فإنّ الضغوط التي فرضها المشركون استدعت نزول آيات الصبر والمقاومة. في حين أنّ الآيات المدنية هي الآيات التي نزلت في أجواء تشكيل حكومة، وبالتالي فهي ناظرة إلى عنصر الجهاد بشكل أساس، من أجل حفظ واستمرار الحكومة الإسلامية، وكذلك تتضمّن تعليمات أخلاقية ومدنية وعبادية واجتماعية للناس. فلو قيل إنّ الموضوع الأصلي في نزول الآيات في مكّة لبيان أصول الدين، وفي المدينة لبيان فروع الدين، كان كلاماً غير مجانب للصواب.


[1]. انظر إلى بحث «انفتاح باب الاجتهاد» في هذا الكتاب.

اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 264
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست