جَمِيعاً- وإلهُهُم واحِدٌ! ونَبِيُّهُم واحِدٌ! وكِتابُهُم واحِدٌ! أفَأَمَرَهُم اللَّه- سُبحانَه- بالاختِلافِ فأَطاعُوه! أم نَهاهُمْ عَنهُ فَعَصَوُه! أم أنْزَلَ اللَّهُ سُبحانَهُ دِيْناً ناقِصاً فاسْتَعانَ بِهِم على إتْمامِهِ! أم كانُوا شُرَكاءَ لهُ، فَلَهُم أنْ يَقُولوا، وعَليهِ أن يَرْضى‌؟ أم أنْزَلَ اللَّهُ سُبحانَهُ دِيْناً تامّاً فَقَصَّر الرَّسُولُ (صلى اللَّه عليه وآله وسلّم) عن تَبْلِيغِه وأدائِه، واللَّه سبحانَه يقول:

«مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْ‌ءٍ»

وَفِيهِ تِبْيانُ كُلِّ شَيْ‌ءٍ» [1].

الجواب عن سؤال:

وربّما يثار هذا السؤال في ذهن القارى‌ء الكريم وهو: كيف لا يوجد في الإسلام أيّ فراغ قانونيّ في حين أنّ مرور الزمان من شأنه طرح مسائل جديدة لم تكن موضوعاتها موجودة في السابق، فكيف بحكمها؟

وهي ما يطلق عليه بالمسائل المستحدثة، من قبيل الكثير من مسائل الطبّ، (زرع الأعضاء، إهداء العضو، التشريح، التلقيح الصناعيّ والاستنساخ) وفي أبواب المعاملات مثل أنواع الضمان، تجارة الالكترونيات، الحقوق المتعلّقة بالتأليف وصناعة الأفلام والاختراعات والتي يصطلح عليها بالمالكية المعنوية، وكذلك في المسائل التي تتّصل بأمور الحكومة والاستفادة من المنهج الديمقراطي وعملية الانتخاب ومجالس البرلمان ورئاسة الجمهورية وأمثال ذلك، بل حتّى في باب العبادات هناك مسائل جديدة تتعلّق بالصلاة والصيام في الرحلات الفضائية والمناطق القطبية.

فهل يمكن أن تحقّق الآيات والروايات الموجودة استجابة مطلوبة لهذه المسائل؟

وكما تقدّم تفصيل الكلام في هذا الموضوع في بحث المسائل المستحدثة في هذا الكتاب، فنحن نملك أصولًا وقواعد معروفة في الإسلام ومستوحاة من الكتاب والسنّة ودليل العقل والإجماع، فلا توجد مسألة من المسائل المستحدثة إلّاوتندرج تحت أحد هذه الأصول والقواعد، والكثير من المسائل المستحدثة يمكن إدراجها تحت عنوان لزوم حفظ النظام في المجتمع الإسلاميّ، الثابت بالإجماع ودليل العقل والروايات الشريفة، وقسم منها تندرج تحت عنوان مقدّمة الواجب، مثل مسألة التشريح والكثير من المسائل الطبية التي تعتبر مقدّمة لحفظ النفوس، والذي هو من أوجب الواجبات، وبعضها يندرج تحت عنوان «لا ضرر» والاضطرار والضرورة، وقسم مهمّ منها يندرج تحت قانون الأهمّ والمهمّ وترجيح الأهمّ على المهمّ عند دوران الأمر بينهما، فهذا القانون أيضاً من الأصول الثابتة في العقل والنقل، وهكذا في سائر المسائل المستحدثة التي لم يرد فيها نصّ خاصّ.

وبالنسبة للمسائل المتعلّقة بالعبادات أيضاً، فإنّ الكثير من الموارد يتبيّن حكمها من خلال قاعدة الميسور، التي تملك رصيداً برهانياً في دليل العقل والنقل، أو مسألة العسر والحرج وأمثال ذلك.

5. موضوعيّة «منطقة الفراغ»؟

وقد ذكر بعض العلماء المعاصرين‌ [2] في جوابه عن السؤال المذكور آنفاً وجود منطقة في دائرة المسائل الاقتصادية الإسلامية تحت عنوان «منطقة الفراغ»

[1]. نهج‌البلاغه، الخطبة 18. وقد أورد المرحوم الكليني في كتابه الكافي، باباً تحت عنوان «ليس شي‌ء من الحلال والحرام وجميع ما يحتاج الناس إليه إلّاوقد جاء فيه كتاب أو سنّة» وذكر في هذا الباب عشرة أحاديث يدلّ أكثرها على الأقلّ على‌ الموضوع المذكور (الكافي، ج 1، ص 59).

[2]. الشهيد المحقّق آية اللَّه السيد محمّد باقر الصدر قدس سره.