responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 197

المراد هو المعنى الثاني فإنّ استخدام الحيلة في الربا يبطل المعاملة من جهات أخرى حيث لا يكون في هذه المعاملة قصد جدّي وإنشاء من الطرفين، ولهذا السبب فهذه المعاملة باطلة عقلًا.

وعلى هذا الأساس، فإنّ مسألة «سدّ الذرائع وفتحها» لا تشكل مصدراً جديداً لاستنباط الأحكام الشرعية، بل أحد الموارد لحكم العقل القطعي.

تعارض الأدلّة:

وآخر بحث في موضوع مصادر الاستنباط هو بحث تعارض الأدلّة.

وكمقدّمة نرى من اللازم بيان هذه النقطة، وهي أنّه أحياناً يبدو وجود تعارض ابتدائي‌ بين دليلين، ولكن بسبب وجود الجمع العرفيّ‌، أو أنّ أحد الدليلين حاكم على الآخر، فإنّ هذه المسألة تخرج عن بحث التعارض، ولذلك فلو كانت النسبة بين الدليلين‌ عام وخاص‌ كأن يقول الدليل العام: «أكرم جميع العلماء» ويرد دليل خاصّ يقول: «لا تحترم العالم غير العامل» فإنّ بين هذين الكلامين لا يوجد تعارض في العرف، بل إنّ الجمع العرفي يقتضي تقديم الدليل الخاصّ على العامّ، وبالتالي فإنّ نتيجة تقديم الخاصّ على العامّ أن نعمل بالدليل الخاصّ في مورد العالم غير العامل، وباقي الأفراد يكون العامّ حجّة فيها [1]. وبعبارة أُخرى: إنّ سائر الأفراد تبقى تحت عموم العام.

وهكذا بالنسبة للموارد التي يبدو فيها وجود تعارض بين الدليلين، ولكنّ أحد الدليلين حاكم على الآخر، من قبيل‌ العناوين الثانوية بالنسبة إلى‌ العناوين الأولية [2]. فهنا لا يوجد تعارض في الواقع، من قبيل أنّ الدليل الأول يقول: «يحرم تناول ما ذبح بطريقة غير إسلامية»، ولكنّ الدليل الآخر يقول: «يجوز تناول هذا اللحم عند الاضطرار». فهذان الدليلان لا يعتبران متعارضين فيما بينهما، بل إنّ الثاني حاكم على الدليل الأول ومقدّم عليه‌ [3].

وهكذا في صورة تعارض «الأمارة» و «الأصل» فهذا التعارض بدويّ أيضاً، لأنّه مع وجود الأمارة لا يصل الدور إلى الأصل، ودليل الأمارة حاكم على الأصل أو وارد عليه. مثلًا إذا تعارضت قاعدة الصحّة (أصالة الصحّة) التي يراها كثير من الفقهاء أنّها أمارة مع استصحاب الفساد (مثلًا: نشكّ في هل أنّ المعاملة الفلانية صحيحة أم فاسدة) فإنّ أصالة الصحّة تقدّم على الاستصحاب الذي يقرّر عدم انعقاد المعاملة [4].

على أيّة حال، فالتعارض يقع أحياناً بين دليلين شرعيين (أمارة) وأحياناً أخرى بين أصلين. وبالنسبة للتعارض بين الأصلين، فإذا تعارض الاستصحاب مع الأصول الثالثة الأخرى (أصل البراءة والتخيير والاحتياط) فإنّ الاستصحاب مقدّم، لأنّ مقتضى أدلة حجّية الاستصحاب، هو البناء على بقاء الأمر اليقيني السابق إلى الزمان الثاني (زمان الشكّ)، وبعبارة أخرى، إنّ الاستصحاب «أصل محرز» ولذلك يقدّم على الأصول الأخرى.


[1]. وبالطبع يلزم التوجه إلى هذه النقطة وهي أنّه لا يجوز الجمع بين‌الدليلين، وإن كان ملفتاً للنظر حيث يسمّونه «الجمع التبرّعي» أي أنّه خال من الشواهد العرفية، بل يجب أن يكون منسجماً مع الارتكازات العرفية والعقلائية.

[2]. سبق توضيح دليل الحاكم والمحكوم في تقسيمات الأدلّة النقلية.

[3]. أنوار الأصول، ج 3، ص 506.

[4]. الرسائل (فرائد الاصول)، ص 414.

اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 197
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست