1. ما يكون متوقّفاً على وجود الخطاب من جانب الشارع، حيث ينحصر ذلك في «لحن الخطاب» (وهو دلالة
العقل على إلغاء الخصوصية) وفحوى الخطاب (مفهوم الأولويات) ودليل الخطاب (مفهوم
المخالفة).
2. ما يتوصّل إليه العقل بوحده وبدون وجود خطاب ودليل لفظيّ من الكتاب
والسنّة، وهو عبارة عن المسألة المعروفة بالحسن والقبح العقليين [1].
وقد أكمل الشهيد الأوّل في كتابه (الذكرى) هذين القسمين، وأضاف إلى القسم
الثاني مباحث البراءة الأصلية، والأخذ بالأقل في دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر،
والاستصحاب [2].
وأمّا الأصوليّون المتأخّرون، فإنّهم طرحوا دليل العقل بشكل أشمل وأكثر
وضوحاً، حيث تابعوا البحث في هذا الموضوع في مرحلتين أساسيّتين:
المرحلة الأولى: موارد ومصاديق دليل العقل؛
وبالطبع فإنّ هذه المصاديق هي التي تنتهي إلى الحكم الشرعيّ (بحث صغرويّ).
المرحلة الثانية: أدلّة حجيّة دليل العقل (بحث كبرويّ).
المرحلة الأولى: موارد ومصاديق حكم العقل
البحث في هذه المرحلة هو بحث صغرويّ، ويعلم منه تعيين مصاديق دليل العقل،
فقالوا: إنّ دليل العقل يمكنه أن يكون دليلًا على الحكم الشرعيّ في ثلاثة موارد:
ثانياً: هناك ملازمة عقلية بين حكم العقل بالحسن
والقبح وحكم الشرع أيضاً، وبالطبع هنا يوجد بحث ثالث هو: هل أنّ القطع الحاصل من
هذه الملازمة يقرّه الشارع ويراه حجّة؟ وهذا يرتبط بالبحث الكبروي الذي سنبحثه
لاحقاً.
في البحث الأوّل: فإنّ الأشاعرة أنكروا الحسن والقبح العقليين. وذهبوا إلى أنّ
الحسن والقبح من الأمور الاعتبارية الشرعية، وقالوا: إن الفعل
(الحسن ما حسّنه الشارع والقبيح ما
قبّحه الشارع)
، وذكروا أنّ النسخ في الشريعة يقوم على أساس هذه المسألة. وقالوا: إنّ الشارع
على هذا الأساس يوجب فعلًا معيّناً ثمّ يحرمه [4]، ولكنّ «العدلية» يرون وجود الحسن والقبح